للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كاكويه، فرغب في استخدامهم، فكتب إليه السلطان محمود بن سُبُكتِكين يأمره بحربهم. فاقتتل الفريقان، وقُتل بينهما عدد، فقصد الباقون أذربيجان. وانحاز الذين بخراسان إلى جبل خوارزم، فجرّد السلطان جيشاً، فتبعوهم في تلك المفاوز، وضايقوهم مدة سنتين، ثم قصدهم السلطان محمود بنفسه، ولم يزل حتى شتّتهم. ثم توفي، فقام بعده ابنه مسعود، فاحتاج إلى تكثير الجند، فكتب إلى الطائفة التي بأذربيجان ليتوجّهوا إليه، فقدم عليه ألف فارس، فاستخدمهم ومضى بهم إلى خراسان، فسألوه في أمر الباقين الذين شتّتهم أبوه، فراسلهم وشرط عليهم الطاعة، فأجابوه إلى الطاعة، ورتّبهم كما رتبهم والده أولاً.

ثم دخل مسعود بن محمود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه، فخلَت للسلجوقية البلاد فعاثوا، وجرى هذا كله وطغرلبك وأخوه داود ليسا معهم، بل في أرضهم بنواحي بخارى. وجرت بين صاحب بخارى وبينهم وقعة عظيمة، قُتل فيها خلق كثير من الفريقين. ثم كاتبوا مسعوداً وسألوه الأمان والاستخدام، فحبس رسلهم وجرّد جيشه لمواقعة من بخراسان منهم، فالتقوا وقتل منهم مقتلة كبيرة. ثم إنهم اعتذروا إلى مسعود، وبذلوا الطاعة له، وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها، فطيّب قلوبهم، وأطلق الرسل، وأرسل إليهم زعيمهم الذي اعتقله أبوه أولاً. فوصل طغرلبك وداود إلى خراسان في جيش كبير، واجتمع الجميع.

وجرت لهم أمور طويلة إلى أن استظهروا وملكوا الري في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ثم ملكوا نيسابور في سنة ثلاثين. وأخذ داود مدينة بلْخ وغيرها. واقتسموا البلاد، وضعُف عنهم السلطان مسعود، فتحيّز إلى غَزْنة.

وكانوا في أوائل الأمر يخطبون له ويُدارونه حتى تمكنوا، ثم راسلهم الخليفة فكان رسوله إليهم قاضي القضاة أبو الحسن الماوَرْدي.

ثم إن طُغرلبك طوى الممالك وملك العراق في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وعدل في الناس. وكان حليماً كريماً محافظاً على الصلوات في جماعة، يصوم الخميس والاثنين ويَعمر المساجد ويُكثر الصدقات. وقد سيّر الشريف ناصر بن إسماعيل رسولاً إلى ملكة الروم، فاستأذنها الشريف في الصلاة بجامع

<<  <  ج: ص:  >  >>