أول خلفاء الباطنية بني عبيد أصحاب مصر والمغرب، وهو دعي كذاب؛ ادعى أنه من ولد الحسين بن علي. والمحققون متفقون على أنه ليس بحسيني، وما أحسن ما قال المعز صاحب القاهرة وقد سأله ابن طباطبا العلوي عن نسبهم، فجذب نصف سيفه من الغمد وقال: هذا نسبي. ونثر على الحاضرين والأمراء الذهب، وقال: هذا حسبي.
توفي عبيد الله في ربيع الأول بالمغرب، وقد ذكرنا من أخباره في حوادث هذه السنة، فلا رحم الله فيه مغرز إبرة.
قال أبو الحسن القابسي صاحب الملخص: إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب، ما بين عابد وعالم؛ ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت. وفي ذلك يقول سهل في قصيدته:
وأحل دار النحر في أغلاله من كان ذا تقوى وذا صلوات ودفن جميعهم في المنستير وحولها، والمنستير بلسان الفرنج: المعبد الكبير، وبها قبور كبارهم. وكانت دولة عبيد الله بضعا وعشرين سنة، ويا حبذا لو كان رافضيا وبس، ولكنه زنديق.
وحكى الوزير القفطي في سيرة بني عبيد قال: كان أبو عبد الشيعي أحد الدواهي؛ وذلك أنه جمع مشايخ كتامة وقال: إن الإمام كان بسلمية قد نزل عند يهودي عطار يعرف بعبيد، فقام به وكتم أمره. ثم مات عبيد عن ولدين فأسلما وأمهما على يد الإمام وتزوج بها، وبقي مستترا والأخوان في دكان العطر، فولدت للإمام ابنين، فعند اجتماعي به سألت: أي الاثنين إمامي بعدك؟ فقال: من أتاك منهما فهو إمامك. فسيرت أخي لإحضارهما، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين، ووجد هذا فأتى به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عبيد، فقالوا: وما أنكرت منه؟ قال: إن الإمام يعلم الكائنات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونص الأمر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يوما، ولو كان إماما لعلم بموته. فقالوا: ثم ماذا؟ قال: والإمام لا يلبس الحرير ولا الذهب، وقد لبسهما. وليس له أن أن يطأ إلا ما قد تحقق أمره، وهذا قد وطئ نساء