واستمرّ القتل والسَّبْي في بغداد بضعة وثلاثين يومًا، فلم يَنْج إلاّ من اختفى، فبلَغَنَا أنّ هولاكو أمر بعد ذلك بعدّ القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسْر، والأصح أنّهم بلغوا ثمانمائة ألف، ثمّ نودي بعد ذلك بالأمان، فظهر من كان قد تخبّأ وهم قليل من كثير.
فممّن هلك في وقعة بغداد الخليفة، وابناه أحمد وأبو بكر، وابن الجوزيّ وأولاده الثّلاثة، والرُّكْن محمد بن محمد بن سُكَيْنة كهْلًا، وكبير الشّافعية شهاب الدّين محمود بن أحمد الزِّنْجانيّ، والقُدْوة الشّيخ عليّ الخبّاز، والأديب نحويّ النّظامية جمال الدّين عبد الله بن خنفر، وشيخ الخليفة صدر الدّين عليّ بن النيّار، وقريبه عبد الله بن عُبَيْد الله، والعدل عبيد الله بن عسكر البَعْقُوبيّ، والشَّرَف محمد بن سُكينة أخو الركْن، والعدل عبد الوهّاب ابن الصّدر عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن سُكينة وأخوه عبد الرحمن، ويحيى بن سعد اليزديّ العدل، ووالد الرشيد بن أبي القاسم، وعبد القاهر بن محمد ابن الفُوطي كاتب ديوان العرض.
وفيها مات: عليّ بن الأخضر، والشّاعر عليّ الرُّصافيّ، وحسين بن داود الواسطيّ المحدّث، وعمر بن دهجان المحدّث قتْلًا، وأحمد بن مسعود البَعْليّ الحنبليّ، والعدل عبد الله بن ياسر البَعْلي، ووالد الشّيخ عليّ البَنْدنِيجيّ العدل، ومحمد ابن الهيتيّ، والعدل عليّ بن أبي البدر.
وأمّا الوزير ابن العلقَمِي فلم يتم له ما أراد، وما اعتقد أنّ التّتر يبذلون السيف مطلقًا، فإنّه راح تحت السيف الرّافضة والسُّنَّة وأُمم لا يُحصوْن، وذاق الهوان والذُّل من التّتار، ولم تطُلْ أيّامه بعد ذلك. ثمّ ضرب هولاكو عنق بايجُو نُويْن لأنّه بلغه عنه أنه كاتب الخليفة وهو في الجانب الغربيّ.
وأمَّا الخليفة فقُتل خَنْقًا، وقيل: غُمَّ في بساط، وقيل: رفسوه حتى مات. وقتل الأمير مجاهد الدّين الدُّوَيْدار، والشَّرابيّ، والأستاذ الدار محيي الدّين ابن الجوزيّ وولداه، وسائر الأمراء والحُجّاب والكبار. وقالت الشُّعراء قصائد في مراثي بغداد وأهلها وتمثّل بقول سِبْط التّعاويذيّ:
بادت وأهلوها معًا فبيوتهم ببقاء مولانا الوزير خراب وكانت كسْرةُ عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد في