وكان يعظ بها، ثم درس بها بالطرخانية وبالصادرية، وبنى له الأمير معين الدين أنر مدرسة. وظهر له القبول في الوعظ. وسمع أبا علي بن نبهان، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، ونور الهدى الزينبي، وغيرهم. روى عنه أبو المواهب بن صصرى، وأخوه شمس الدين أبو القاسم، والقاضي أبو نصر ابن الشيرازي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن عساكر في ترجمته: وذكر أنه سمع المقامات من الحريري، وألف تفسيرًا وشرح المقامات وأنشدني بماردين أبياتًا، لقيته بها.
قلت: أخبرتنا بالمقامات الكاتبة أمة العزيز بنت يوسف بن غنيمة بمنزلها، قالت: أخبرنا أبو نصر ابن الشيرازي، قال: أخبرنا أبو المظفر الحنفي، قال: أخبرنا الحريري المصنف.
توفي عن نيف وثمانين سنة بدمشق.
وقد كتب عنه أبو سعد ابن السمعاني.
٢٦٩ - محمد بن سعد بن مردنيش. الأمير أبو عبد الله، صاحب الشجاعة والإقدام بمرسية ونواحيها.
ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وتنقلت به الأحوال، وتملك مرسية وبلنسية، واستعان بالفرنج على حرب الموحدين، واستفحل شأنه بعد موت عبد المؤمن، فسار إليه أبو يعقوب بن عبد المؤمن، وعبر إلى الأندلس في مائة ألف، ودخل إشبيلية، وجاء إليه أخوه عمر، وكان نائبه على الأندلس، فاستشعر ابن مردنيش العجز، والقهر، ومرض مرضًا شديدًا، واحتضر، فأمر بنيه أن يبادروا إلى أبي يعقوب، ويسلموا إليه البلاد التي بيده.
ومات هو في التاسع والعشرين من رجب، فقيل: إن أمه سقته السم لأنه كان قد أساء إلى أهله وخواصه، فكلمته وأغلظت له، فتهددها حتى خافت منه، فعملت عليه وسقته، وبادر إخوته فسلموا شرق الأندلس إلى أبي يعقوب