إليه فقال: الآن تستشيرني بعد أن عرضت الدولة للزوال بإبعادك مؤنساً؟ وأخذ يعنفه، ثم التفت إلى المقتدر وقال: الآن كاتب مؤنساً ليسرع إلى الحضرة فكتب.
ووثبت العامة على ابن الفرات ورجمت طيارته بالآجر وصاحوا عليه: أنت القرمطي الكبير. وامتنع الناس من الصلوات في المساجد.
وسار ياقوت الكبير إلى الكوفة ليضبطها، وأنفق في جنده خمسمائة ألف دينار. فقدم مؤنس ودخل على المقتدر، فلما عاد إلى داره ركب إليه ابن الفرات للسلام عليه، ولم تجر بذلك عادة الوزراء قبله. فخرج مؤنس إلى باب داره، وخضع له وقبل يده.
وكان في حبس ابنه المحسن جماعة صادرهم، فخاف العزل وأن يظهر عليه ما أخذ منهم، فأمر بذبح عبد الوهاب بن ما شاء الله، ومؤنس خادم حامد، وسم إبراهيم أخا علي بن عيسى، فكثر ضجيج حرم المقتولين على بابه.
ثم إن المقتدر قبض على ابن الفرات وسلمه إلى مؤنس، فرفعه مؤنس وخاطبه بالجميل وعاتبه، فتذلل له وخاطبه بالأستاذ فقال: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تخرجني إلى الرقة على سبيل النفي؟! واختفى المحسن وصاحت العامة وقالوا: قبض على القرمطي الكبير، وبقي الصغير. واعتقل ابن الفرات وآله بدار الخلافة.
واستوزر عبد الله بن محمد الخاقاني. وشغبت العامة وقالوا: لا نرضى حتى يسلم ابن الفرات إلى شفيع اللؤلؤي. فتسلمه شفيع. وكان الخاقاني قد استتر أيام ابن الفرات خوفاً منه. وأمر المقتدر بتسليمه إلى الخاقاني، فعذب بني الفرات، واصطفى أموالهم، فقيل: أخذ منهم ألفي ألف دينار.
ثم ظفر بالمحسن وهو في زي امرأة، قد اختضب في يديه ورجليه، فعذب وأخذ خطه بثلاثة آلاف ألف دينار.
فاتفق مؤنس، وهارون بن غريب الخال، ونصر الحاجب على قتل ابن الفرات وابنه، وكاشفوا المقتدر فقال: دعوني أفكر، فقالوا: نخاف شغب القواد والناس. فاستشار الخاقاني، فقال: لا أدخل في سفك الدماء، والمصلحة حملهما إلى دار