للملك الأشرف ابن صلاح الدين بن المسعود أقسيس ابن الكامل، وله ثمان سنين، وبقي عز الدين أتابكه، وقطعوا خبزي.
وفيه أمروا البندقدار، وأخرجوا جماعة أمراء من حبس الصالح، وهم: بدر الدين يونس، وعلم الدين شمائل، ولؤلؤ الباسلي، وناصر الدين ابن برطاس، وآخرين. وهرب خاص ترك الكبير، والشهاب رشيد الكبير، وشهاب الدين ابن الغرز، وجماعة أمراء، وراحوا إلى الكرك.
وجاء الخبر أن الملك المغيث ابن العادل ابن الكامل استولى على الكرك، فبعد أيام قبض المغيث على رشيد الكبير، وعلى ابن الغرز لمكاتبتهم الحلبيين، ومسك المعز عدة أمراء فأسرف.
قلت: ثم سار السلطان الملك الناصر يريد الديار المصرية بإشارة نائبه شمس الدين لؤلؤ وإلحاحه عليه، وكان يستهزئ بعسكر مصر، ويقول: آخذها بمائتي فارس. وكانت تأتيه كتب من مصر فساروا، وتقدم جمال الدين ابن يغمور وسيف الدين المشد بجمهرة الجيش.
وانفرد لؤلؤ وضياء الدين القيمري، وبرز الصالحيون، فكان الملتقى في ذي القعدة عند الصالحية في آخر الرمل، فانكسرت الصالحية ونهبت أثقالهم. وانهزم طائفة منهم إلى الصعيد، وخطب في ذلك اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك الناصر، وبات جمال الدين ابن يغمور تلك الليلة بالعباسية، وأحمى الحمام للسلطان، وهيأ الإقامات. هذا، والسلطان ما عنده خبر من نصرته، وهو واقف بسناجقه وخزائنه وخواصه.
وأما الصالحية فلما رأوا الكسرة ساق منهم عز الدين أيبك التركماني- الذي تسلطن- والفارس أقطايا في ثلاثمائة فارس هاربين طالبين الشام، فمروا في طريقهم بالشمس لؤلؤ، والضياء القيمري، فالتقوا على غير تعبئة، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا عليه، فظفروا به وأسروه، وقتلوا ضياء الدين، ثم قتلوا لؤلؤا صبراً بين يدي التركماني؛ لأنهم بلغهم استخفافه بهم، وقوله: أنا آخذ مصر بمائتي قناع.
ثم ساقوا فاعترضوا طلب السلطان، فخامر جماعة من الأمراء العزيزية عليه، وانحازوا إلى التركماني وجسروه على السلطان، وعطفوا به على الطلب، وكسروا سناجق السلطان، ونهبوا الخزائن، ورموا بالنشاب.