للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيسي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت السوسي يقول: أبو حامد الغزالي قرع الباب وفتح لنا.

قال ابن النجار (١): بلغني أن أبا المعالي الجويني كان يصف تلامذته يقول: الغزالي بحر مغرق، وإلكيا أسد مخرق، والخوافي نار تحرق.

وقال أبو محمد العثماني، وغيره: سمعنا محمد بن يحيى بن عبد المنعم العبدري المؤدب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبره لي عابر ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب الغزالي بالمرية.

وقال أبو عامر العبدري الحافظ: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي يحلف بالله أنه أبصر في نومه كأنه ينظر في كتب الغزالي، فإذا هي كلها تصاوير.

قلت: للغزالي غلط كثير، وتناقض في تواليفه العقلية، ودخول في الفلسفة، وشكوك، ومن تأمل كتبه العقلية رأى العجائب، وكان مزجى البضاعة من الآثار، على سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته، وقد روى عنه أبو بكر ابن العربي الإمام صحيح البخاري، بروايته عن الحفصي، فيما حكى ابن الحداد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فالله أعلم (٢).

١٢١ - مقاتل بن عطية بن مقاتل، أبو الهيجاء البكري، الحجازي، الأمير شبل الدولة، من أولاد أمراء العرب.


(١) نفسه.
(٢) كتب تاج الدين السبكي بخطه في أول ترجمة الغزالي من نسخة المصنف ما يأتي: "الغزالي سيد المُسلمين في زمانه، وفي هذه الترجمة من التعصب البارد عليه والكلام المبدد والقول الهجر والسَّخيم ما لا يخفى على ذي بصيرة. ومن أراد حقيقة ما يمكن أن يعرف من حاله فعليه بكتابنا الطبقات الكبرى. كتبه ابن السبكي". قلت: هذا جزء من حملة السبكي على شيخه الذهبي وكلامه المقذع فيه والذي بَيّنته بتفصيل في الفصل الأخير من كتابي "الذهبي ومنهجه" ص ٤٥٨ فما بعد، ومنهج الذهبي أن يأتي بما للرجل وما عليه، وللمسلمين على الغزالي مآخذ كثيرة حتى من أهل مذهبه مثل ابن الصلاح والنووي وغيرهما، ومعرفته بالحديث ضعيفة جدًّا، وقد ابتلي الناس بما شحن كتبه، لا سيما "الإحياء"، من الأحاديث التالفة والموضوعة، فكان لابد من بيان ذلك، مع الإقرار بمنزلته وذكائه، وأهميته.