للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محيي الدّين ابن العربيّ: الكرامات منها نطق بالكون قبل أن يكون، والإخبار بالمغيبات، وهي على ثلاثة أضرب: إلقاء، وكتابة، ولقاء، وكان بقيّ بن مخلد، رحمه الله، قد جمعها، وكان صاحبا للخضر، شهر هذا عنه. ذكره في مواقع النّجوم، ثمّ شطح المحيي فقال: وعاينا جماعة كذلك، وشاهدناها من ذاتنا غير مرّة، ومن هذا المقام ينتقلون إلى مقامٍ يقولون فيه للشيء كن فيكون بإذن الله.

وقال محمد بن حزم: أقطع أنّه لم يؤلَّف في الإسلام مثل تفسيره، لا تفسير محمد بن جرير، ولا غيره.

قال: وكان محمد بن عبد الرحمن الأمويّ صاحب الأندلس محبّا للعلوم، عارفا، فلمّا دخل بقيّ الأندلس بمصنَّف ابن أبي شيبة، وقرئ عليه، أنكر عليه جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستبشعوه، ونشَّطوا العامّة عليه، ومنعوه من قراءته، فاستحضره الأمير محمد المذكور، وأتاهم، وتصفح الكتاب كله جزءا جزءا، حتى أتى على آخره، ثمّ قال لخازن الكتب: هذا كتابٌ لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا. وقال لبقيّ: انشر علمك، وارو ما عندك، ونهاهم أن يتعرَّضوا له.

وقال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقيّ قال: لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأخوه إسحاق فقالا: بلغنا أنّك وضعت مسندا قدَّمت فيه أبا مصعب الزُّهريّ، ويحيى بن بكير، وأخّرت أبانا؟ فقال بقيّ: أمّا تقديمي أبا مصعب، فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدّموا قريشا ولا تقدَّموها، وأمّا تقديمي ابن بكير، فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبّر كبّر، يريد السّنَّ، ومع أنّه سمع الموطّأ من مالك سبع عشرة مرّة، وأبوكما لم يسمعه إلاّ مرّةً واحدة، فخرجا ولم يعودا، وخرجا إلى حدّ العداوة.

ولأبي عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البرّ القرطبيّ، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، كتابٌ في أخبار علماء قرطبة، ذكر فيه بقي بن

<<  <  ج: ص:  >  >>