فخذ جاريتك، فإذا ساومك لا تنقصها من خمسين ألف دينار. قال: فجاءني فبعتها بثلاثين ألف دينار، فلما صرت إلى يحيى قال: ألم نؤدبك؟ خذ جاريتك إليك. فقلت: جارية قد أفدت بها خمسين ألف دينار ثم تعود إلي؟ أشهدك أنها حرة، وأني قد تزوجتها.
وقيل: إن ولد يحيى قال له وهم في السجن والقيود: يا أبة، بعد الأمر والنهي والأموال صرنا إلى هذا؟ فقال: يا بني، دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها.
مات يحيى سنة تسعين ومائة في حبس الرقة، وله سبعون سنة.
٤٠٠ – ع: يحيى بن أبي زائدة، هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أبو سعيد الهمداني الوادعي مولاهم، الكوفي الفقيه، أحد الأئمة الأعلام.
روى عن أبيه، وعاصم الأحول، وداود بن أبي هند، وهشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وأبي مالك الأشجعي، وليث بن أبي سليم، وطائفة كبيرة.
وتفقه بأبي حنيفة، ولزمه مدة حتى برع في الرأي وصار من أكبر أصحابه، مع الحفظ للحديث والإتقان له.
روى عنه أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن موسى، وأبو كريب، وابن معين، وهناد، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن منيع، وابن المديني، وابنا أبي شيبة، وعلي بن مسلم الطوسي، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدورقي، والحسن بن عرفة، وخلق كثير.
قال علي ابن المديني: لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه.
وقال ابن المديني أيضا: انتهى العلم إلى يحيى بن زكريا في زمانه.
قلت: ولي قضاء المدائن.
وقال عمرو الناقد: سمعت ابن عيينة يقول: ما قدم علينا أحد يشبه هذين الرجلين؛ ابن المبارك، وابن أبي زائدة.
وقال يحيى القطان: ما بالكوفة أحد يخالفني أشد علي من ابن أبي زائدة.
ويقال: إنه ما غلط قط.
وأما قول أبي نعيم الملائي: ما هو بأهل أن أحدث عنه، فما ذكر مستند ذلك فلا يلتفت إلى ذلك، ولا إلى كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض.