فيها واقع غلمان الخليفة العيارين بالدجيل، وقتل كثير منهم، وجاءوا برؤوسهم، وأخذ قائدهم، وصلب ببغداد تسعة من اللصوص.
وفيها صودر الأمير قايماز ببغداد وأخذ منه ثلاثون ألف دينار، وانكسر بذلك.
وفيها كان مسير أسد الدين إلى مصر المسير الثالث، وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية في جمع عظيم، وكان السلطان نور الدين في جهة الشمال ونواحي الفرات، فطلعوا من عسقلان، وأتوا بلبيس فحاصروها وملوكها، واستباحوها، ثم نزلوا على القاهرة فحاصروها، فأحرق شاور مصر خوفا من الفرنج، فلما ضايقوا القاهرة بعث إلى ملكهم يطلب الصلح على ألف ألف دينار يعجل له بعضها. فأجابه ملك الفرنج مري إلى ذلك وحلف له، فحمل إليه شاور مائة ألف دينار وماطله بالباقي. وكاتب في غضون ذلك الملك العادل نور الدين يستنجد به، وسود كتابه، وجعل في طيه ذوائب النساء، وواصل كتبه يستحثه، فكان بحلب، فساق أسد الدين من حمص إلى حلب في ليلة.
قال القاضي بهاء الدين يوسف بن شداد: قال لي السلطان صلاح الدين: كنت أكره الناس في الخروج إلى مصر هذه المرة، وهذا معنى قوله:(أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).
وقال ابن الأثير: حكي عن صلاح الدين قال: لما وردت الكتب من مصر إلى نور الدين أحضرني وأعلمني الحال، وقال: تمضي إلى عمك أسد الدين بحمص مع رسولي تحثوه على الحضور. ففعلت، فلما سرنا عن حلب ميلا لقيناه قادما، فقال له نور الدين: تجهز. فامتنع خوفا من غدرهم أولا، وعدم ما ينفقه في العسكر آخرا، فأعطاه نور الدين الأموال والرجال وقال: إن