وخاض الفرات إليه. والتقى دقاق ورضوان بقنسرين، فانهزم دقاق وجمعه، ونهبوا، ورجعوا بأسوأ حال. ثمّ قدم رضوان في الخطبة على أخيه بدمشق، واصطلحا.
وفيها خطب للمستعلي بالله المصري في ولاية رضوان بن تتش، لأن جناح الدّولة زوج أم رضوان رأى من رضوان تغيراً، فسار إلى حمص، وهي يومئذ له، فجاء حينئذ ياغي سيان إلى حلب، وصالح رضوان، وكان لرضوان منجمٌ باطنيٌ اسمه أسعد، فحسن له مذهب المصريين، وأتته رسل المستعلي تدعوه إلى طاعته، على أن يمده بالجيوش، ويبعث له الأموال ليتملك دمشق، فخطب للمستعلي بحلب، وأنطاكية، والمعرة، وشيزر شهراً. فجاءه سقمان، وياغي سيان، فأنكرا عليه وخوفاه، فأعاد الخطبة العباسية.
ورد ياغي سيان إلى أنطاكية، فما استقر بها حتّى نازلتها الفرنج يحاصرونها.
وكانوا قد خرجوا في هذه السّنة في جمع كثير، وافتتحوا نيقية، وهو أول بلدٍ افتتحوه، ووصلوا إلى فامية، وكفرطاب، واستباحوا تلك النواحي. فكان هذا أول مظهر الفرنج بالشام. قدموا في بحر القسطنطينية في جمع عظيمٍ، وانزعجت الملوك والرعية، وعظم الخطب، ولا سيما سلطان بلاد الروم سليمان، فجمع وحشد، واستخدم خلقاً من التركمان، وزحف إلى معابرهم، فأوقع بخلقٍ من الفرنج، ثمّ إنهم التقوه، ففلوا جمعه، وأسروا عسكره، واشتد القلق وزاد الفرق، وكان المصاف في رجب.