وكان أبو حفص النيسابوري يقول: ما رأيت أكبر همة ولا أصدق حالا من أحمد بن خضرويه. وكان له قدم في التوكل.
وبلغنا عنه أنه قال: القلوب جوالة، فإما أن تجول حول العرش، وإما أن تجول حول الحش.
قيل: إن أحمد بن خضرويه مات سنة أربعين ومائتين.
١٤ - أحمد بن أبي دؤاد بن حريز، القاضي أبو عبد الله الإيادي البصري ثم البغدادي. واسم أبيه: الفرج.
ولي القضاء للمعتصم وللواثق بالله، وكان مصرحا بمذهب الجهمية، داعية إلى القول بخلق القرآن. وكان موصوفا بالجود والسخاء، وحسن الخلق، وغزارة الأدب.
قال الصولي: كان يقال: أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة، ثم ابن أبي دؤاد، لولا ما وضع به نفسه من محبة المحنة لاجتمعت الألسن عليه، ولم يضف إلى كرمه كرم أحد.
ولد ابن أبي دؤاد سنة ستين ومائة بالبصرة.
قال حريز بن أحمد بن أبي دؤاد: كان أبي إذا صلى رفع يده إلى السماء وخاطب ربه وقال:
ما أنت بالسبب الضعيف وإنما. . . نجح الأمور بقوة الأسباب فاليوم حاجتنا إليك، وإنما. . . يدعى الطبيب لساعة الأوصاب
وقال أبو العيناء: كان أحمد بن أبي دؤاد شاعرا مجيدا، فصيحا بليغا، ما رأيت رئيسا أفصح منه. وقال فيه بعض الشعراء:
لقد أنست مساوئ كل دهر. . . محاسن أحمد بن أبي دؤاد وما سافرت في الأفاق إلا. . . ومن جدواك راحلتي وزادي يقيم الظن عندك والأماني. . . وإن قلقت ركابي في البلاد
وقال الصولي: حدثنا عون بن محمد الكندي قال: لعهدي بالكرخ، وإن رجلا لو قال: ابن أبي دؤاد مسلم لقتل في مكانه. ثم وقع الحريق في الكرخ، وهو الذي لم يكن مثله قط. كان الرجل يقوم في صينية شارع الكرخ فيرى السفن في دجلة. فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم في الناس وقال: يا أمير المؤمنين رعيتك في بلد آبائك ودار ملكهم، نزل بهم هذا الأمر، فاعطف