وفيها ظفروا بأصفر التغلبي الذي خرج برأس عين وتبعه خلق، وكان قد أوغل في بلاد الروم، فسلم إلى ابن مروان فسد عليه برجا من أبراج آمد، وكان القحط بالموصل حتى أكلوا الميتة، وصلي يوم الجمعة بها على أربعمائة جنازة، وعدّ من هلك يومئذ من أهل الذمة، فكانوا مائة وعشرين نفسا.
وفيها قبض على الوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر.
وكثر الوباء ببغداد أيضا، والقحط.
[سنة أربعين وأربعمائة]
فيها هاج القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة.
ومرض الملك أبو كاليجار، وفصد في يوم ثلاث مرات، ثم مات. وانتهب الغلمان الخزائن والسلاح، وأحرق الجواري الخيم، وناح الحريم وولي مكانه ابنه أبو نصر ولقبوه الملك الرحيم. ثم قصد حضرة الخليفة فقبل الأرض وجلس على كرسي. ثم ألبس سبع خلع وعمامة سوداء والطوق والسوارين، ووضع على رأسه التاج المرصع، وبرز له لواءان معقودان، وأوصاه الخليفة بالتقوى والعدل، وقرئ صدر تقليده، وكان يوما مشهودا.
وكانت مدة سلطنة أبي كاليجار ببغداد أربع سنين، وهو ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة، ولد بالبصرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، واسمه المرزبان، وكان كثير الأموال.
وفيها دار السور على شيراز، ودوره اثنا عشر ألف ذراع، وطول حائطه ثمانية أذرع، وعرضه ستة أذرع، وفيه أحد عشر بابا.
وفيها نازلت عساكر مصر قلعة حلب، وبها معز الدولة ثمال بن صالح الكلابي، فجمع جمعا وبرز لحربهم، فعمل معهم مصافين على الولاء، وهابه المصريون، فرحلوا عنه خائبين.
وفيها خطب المعز ابن باديس بالقيروان للقائم بأمر الله، وقطع خطبة المستنصر فبعث إليه المستنصر يهدده، فلم يلتفت إليه، فبعث لحربه عسكرا من العرب فحاربوه، وذلك أوّل دخول عرب بني زغبة وبني رياح إلى إفريقية. فجرت لهم أمورٌ طويلة.