للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جملتهم عمارة اليمني: قصر هذه الخدمة على متجدد سار في الإسلام، والمملوك لم يزل يتوسم من جند مصر وأهل القصر أنهم أعداء وإن قعدت بهم الأيام، ولم تزل عيونه بمقاصدهم موكلة، وخطراته في التحرز منهم مستعملة، لا يخلو شهر من مكر يجتمعون عليه، وحيلة يبرمونها. وكان أكثر ما يستروحون إليه المكاتبات إلى الفرنج، فسير ملك الفرنج كاتبه جرج رسولًا إلينا ظاهرًا، وإليهم باطنًا. والمولى عالم أن عادة أوليائه المستفادة من أدبه أن لا يبسطوا عقابًا مؤلمًا، وإذا طال لهم الاعتقال خلى سبيلهم. ولا يزيدهم العفو إلا ضراوة، ولا الرقة عليهم إلا قساوة. وعند وصول جرج ورد إلينا كتاب ممن لا نرتاب به من قومه يذكرون أنه رسول مخاتلة لا رسول مجاملة، حامل بلية، لا حامل هدية. فأوهمناه الإغفال، فتوصل مرة بالخروج إلى الكنيسة إلى الاجتماع بحاشية القصر وأعوانهم، فنقلت إلينا أحوالهم فأمسكنا جماعة متمردة قد اشتملت على الاعتقادات المارقة، وكلا أخذ الله بذنبه، فمنهم من أقر طائعًا، ومنهم من أقر بعد الضرب، وانكشفت المكتومات، وعينوا خليفة ووزيرًا، وكانوا فيما تقدم، والمملوك بالعسكر على الكرك والشوبك، قد كاتبوهم، وقالوا لهم إنه بعيد، والفرصة قد أمكنت. وكاتبوا سنانًا صاحب الحشيشية بأن الدعوة واحدة، والكلمة جامعة، واستدعوا منه من يغتال المملوك. وكان الرسول خال ابن قرجلة، فقتل الله بسيف الشرع والفتاوى جماعة من الغواة الدعاة إلى النار، وشنقوا على أبواب قصورهم، وصلبوا على الجذوع المواجهة لدورهم، ووقع التتبع لأتباعهم، وشردت الإسماعيلية، ونودي بأن يرحل كافة الأجناد وحاشية القصر إلى أقصى الصعيد، وثغر الإسكندرية، فظهر به داعية يسمى قديدا القفاص، ومع خموله بمصر، قد فشت بالشام دعوته، وطبقت مصر فتنته، وإن أرباب المعايش يحملون إليه جزءًا من كسبهم. ووجدت في منزله بالإسكندرية عند القبض عليه كتب فيها خلع العذار، وصريح الكفر الذي ما عنه اعتذار. وكان يدعي النسب إلى أهل القصر، وأنه خرج منه صغيرًا، ونشأ على الضلالة كبيرًا، فقد صرعه كفره، وحاق به مكره. والحمد لله وحده.

٣٣٦ - فوارس بن موهوب بن عبد الله، ابن الشباكية الخفاف أبو الهيجاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>