الحسن بن زولاق في ترجمة بكار: لما اعتل ابن طولون راسل بكارا وقال: أنا أردك إلى منزلك، فأجبني. فقال للرسول: قل له: شيخ فان وعليل مدنف والملتقى قريب، والقاضي الله عز وجل. فأبلغ الرسول ابن طولون، فأطرق ثم أقبل يقول: شيخ فان وعليل مدنف والملتقى قريب، والله القاضي. ثم أمر بنقله من السجن إلى دار اكتريت له، وفيها كان يحدث. فلما مات ابن طولون قيل لبكار: انصرف إلى منزلك. فقال: الدار بأجرة، وقد صلحت لي. فأقام بها.
قال الطحاوي: أقام بها بعد ابن طولون أربعين يوما ومات.
ونقل ابن خلكان رحمه الله أن ابن طولون كان يدفع إلى بكار في العام ألف دينار سوى المقرر له فيتركها بختمها، فلما دعاه إلى خلع الموفق من ولاية العهد امتنع، فاعتقله وطالبه بجملة الذهب، فحمله إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسا، فاستحى أحمد بن طولون عند ذلك، ثم أمره أن يسلم إلى محمد بن شاذان الجوهري القضاء، ففعل، وجعله كالخليفة له. ثم سجنه أحمد، فكان يحدث في السجن من طاقة، لأن طلبة الحديث سألوا ابن طولون فأذن لهم على هذه الصورة.
قال ابن خلكان: وكان بكار بكاء تاليا للقرآن، صالحا دينا، وقبره مشهور، وقد عرف باستجابة الدعاء عنده.
وقال الطحاوي: كان على نهاية في الحمد على ولايته، وكان ابن طولون على نهاية في تعظيمه وإجلاله إلى أن أراد منه خلع الموفق ولعنه فأبى، فلما رأى أنه لا يلتئم له منه ما يحاوله ألب عليه سفهاء الناس، وجعله لهم خصما. فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحجة لنفسه. ثم حبسه في دار، فكان كل جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إلى الباب، فيقول له الموكلون به: ارجع. فيقول: اللهم اشهد.