عليهم بشيء يفرق فيهم، يمسك أرماقهم ويبنون به ما انهدم. فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين إن فرقها عليهم غيري خفت أن لا يقسم بالسوية. قال: ذاك إليك، فقسمها على مقادير ما ذهب منهم، وغرم من ماله جملة.
قال عون: فلعهدي بالكرخ بعد ذلك، وإن إنسانا لو قال: زر ابن أبي دؤاد وسخ لقتل.
وقال ابن دريد: أخبرنا الحسن بن الخضر قال: كان ابن أبي دؤاد مؤالفا لأهل الأدب من أي بلد كانوا. وكان قد ضم إليه جماعة يمونهم، فلما مات اجتمع ببابه جماعة منهم، فقالوا: يدفن من كان على ساقه الكرم وتاريخ الأدب ولا نتكلم فيه؟ إن هذا لوهن وتقصير. فلما طلع سريره قام ثلاثة منهم، فقال أحدهم:
اليوم مات نظام الفهم واللسن. . . ومات من كان يستعدى على الزمن وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت. . . شمس المكارم في غيم من الكفن
وقال الثاني:
ترك المنابر والسرير تواضعا. . . وله منابر لو يشا وسرير ولغيره يجبى الخراج وإنما. . . تجبى إليه محامد وأجور
وقال الثالث:
وليس نسيم المسك ريح حنوطه. . . ولكنه ذاك الثناء المخلف وليس صرير النعش ما يسمعونه. . . ولكنها أصلاب قوم تقصف
قال أبو روق الهزاني: حكى لي ابن ثعلبة الحنفي عن أحمد بن المعذل أن ابن أبي دؤاد كتب إلى رجل من أهل المدينة: إن تابعت أمير المؤمنين في مقالته استوجبت حسن المكافأة. فكتب إليه: عصمنا الله وإياك من الفتنة. الكلام في القرآن بدعة يشترك فيها السائل والمجيب، تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه. ولا نعلم خالقا إلا الله، وما سواه مخلوق إلا القرآن، فإنه كلام الله.
وعن المهتدي بالله محمد ابن الواثق قال: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس. فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لابن أبي دؤاد وأصحابه. فأدخل الشيخ، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال