للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: قال في بعض تواليفه: أول من أخذت عنه شيخي صائن الدين القرطبي، فإني لازمت القراءة عليه إحدى عشرة سنةً، وقرأت عليه معظم ما رواه من كتب القراءات، والحديث وشروحه، والتفسير، وكتب لي خطه بأنه ما قرأ عليه أحدٌ أكثر مما قرأت عليه. إلى أن قال: ومن شيوخي سراج الدين محمد بن علي الجياني قرأت عليه صحيح مسلم كله بالموصل، والوسيط للواحدي، وأجاز لي سنة تسعٍ وخمسين. ومنهم: فخر الدين أبو الرضا أسعد بن الشهرزوري سمعت عليه مسند أبي عوانة ومسند أبي يعلى ومسند الشافعي وسنن أبي داود وجامع الترمذي. وسمعت من جماعة، منهم شهدة ببغداد.

قال ابن خلكان: أعاد بالنظامية ببغداد في حدود السبعين. وحج سنة ثلاثٍ وثمانين. وقدم زائراً بيت المقدس، فبالغ في إكرامه صلاح الدين، فصنف له مصنفاً في الجهاد وفضله. وكان شيخنا وأخذت عنه كثيراً. وكتب صاحب إربل في حقي وحق أخي كتاباً إليه يقول: أنت تعلم ما يلزم من أمر هذين الولدين وأنهما ولدا أخي، وولدا أخيك، ولا حاجة مع هذا إلى تأكيدٍ. فتفضل القاضي وتلقانا بالقبول والإكرام وأحسن حسب الإمكان، وكان بيده حل الأمور وعقدها، ولم يكن لأحد معه كلامٌ. ولا يعمل الطواشي شهاب الدين طغريل شيئاً إلا بمشورته، وكان للفقهاء به حرمةٌ تامةٌ وافرةٌ، وطال عمره، وأثر الهرم فيه حتى صار كالفرخ، وضعفت حركته. ثم طول ترجمته وهي ثمان ورقات منها، قال: وكان القاضي يسلك طريق البغاددة في أوضاعهم، ويلبس زيهم، والرؤساء ينزلون عن دوابهم إليه على قدر أقدارهم. ثم سار إلى مصر لإحضار ابنة الكامل لزوجها العزيز، فقدم وقد استقل العزيز بنفسه ورفعوا عنه الحجر ونزل طغرل إلى البلد. واستولى على العزيز جماعة شبابٍ يعاشرونه فاشتغل بهم، ولم ير القاضي وجهاً يرتضيه، فلازم داره إلى أن مات وهو باقٍ على القضاء. ولم يبق له حد ثٌ في الدولة، فصار يفتح بابه لإسماع الحديث كل يوم، وظهر عليه الخرف بحيث أنه صار إذا جاءه إنسان،

<<  <  ج: ص:  >  >>