أبو الطيب الطبري، وأعيان الفقهاء بين موافق ومخالف.
قال: ثم توفي ابن القزويني سنة اثنتين وأربعين، وخصومنا عالم كثير، فجرت أمور فحضر الوالد سنة خمس وأربعين دار الخلافة، فجلس أبو القاسم علي رئيس الرؤساء، ومعه خلق من كبار الفقهاء والرؤساء، فقال أبو القاسم على رؤوس الأشهاد: القرآن كلام الله، وأخبار الصفات تمر كما جاءت. وأصلح بين الفريقين.
فلما توفي قاضي القضاة ابن ماكولا راسل رئيس الرؤساء الوالد ليلي القضاء بدار الخلافة والحريم، فأبى فكرر عليه السؤال، فاشترط عليهم أن لا يحضر أيام المواكب، ولا يقصد دار السلطان، ويستخلف على الحريم فأجيب. وكان قد ترشح لقضاء الحريم القاضي أبو الطيب. ثم أضيف إلى الوالد قضاء حران وحلوان، فاستناب فيهما.
وقال تلميذه علي بن نصر العكبري:
رفع الله راية الإسلام حين ردت إلى الأجل الإمام التقي النقي ذي المنطق الصا ئب في كل حجة وكلام خائف مشفق إذا حضر الخصما ن يخشى من هول يوم الخصام في أبيات.
ولم يزل جاريا على سديد القضاء وإنفاذ الأحكام حتى توفي.
ولو شرحنا قضاياه السديدة لكانت كتابا قائما بنفسه.
وقد قرأ القرآن بالقراءات العشر، ولقد حضر الناس مجلسه وهو يملي الحديث على كرسي عبد الله ابن إمامنا أحمد. فكان المبلغون عنه والمستملون ثلاثة: خالي أبو محمد، وأبو منصور الأنباري، وأبو علي البرداني. وأخبرني جماعة من الفقهاء ممن حضر الإملاء أنهم سجدوا على ظهور الناس، لكثرة الزحام في صلاة الجمعة. وحزر العدد بالألوف. وكان يوما مشهودا. وحضرت أنا أكثر أماليه.
وكان يقسم ليله أقساما: قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف