لتاجر بستمائة درهم، فقذفه في سفينة وانطلق به، حتى إذا كان آخر النهار هاجت سحابة، فخرج عمه يستمطر تحتها، فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعت الحبشة إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في ولده خير، فمرج الأمر، فقالوا: تعلموا، والله إن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتموه غدوة. فخرجوا في طلبه فأدركوه، وأخذوه من التاجر، ثم جاؤوا به فعقدوا عليه التاج، وأقعدوه على سرير ملكه، فجاء التاجر فقال: مالي. قالوا: لا نعطيك شيئا، فكلمه، فأمرهم فقال: أعطوه دراهمه أو عبده. قالوا: بل نعطيه دراهمه، فكان ذلك أول ما خبر من عدله، رضي الله عنه.
وروى يزيد بن رومان، عن عروة قال: إنما كان يكلم النجاشي عثمان بن عفان رضي الله عنه.
أخبرنا إبراهيم بن حمد وجماعة، قالوا: أخبرنا ابن ملاعب، قال: حدثنا الأرموي، قال: أخبرنا جابر بن ياسين، قال: أخبرنا المخلص، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، قال: حدثنا أسد بن عمرو البجلي، عن مجالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: بعثت قريش عمرا وعمارة بهدية إلى النجاشي ليؤذوا المهاجرين. وذكر الحديث، فقال النجاشي: أعبيد هم لكم؟ قالوا: لا، قال: فلكم عليهم دين؟ قالوا: لا. قال: فخلوهم، فقال عمرو: إنهم يقولون في عيسى غير ما تقول. فأرسل إلينا، وكانت الدعوة الثانية أشد علينا، فقال: ما يقول صاحبكم في عيسى؟ قال: يقول: هو روح الله وكلمته ألقاها إلى عذراء بتول. فقال: ادعوا لي فلانا القس وفلانا الراهب، فأتاه أناس منهم، فقال: ما تقولون في عيسى؟ قالوا: أنت أعلمنا، قال: وأخذ شيئا من الأرض فقال: ما عدا عيسى ما قال هؤلاء مثل هذا، ثم قال: أيؤذيكم أحد؟ قالوا: نعم، فنادى: من آذى أحدا منهم فأغرموه أربعة دراهم، ثم قال: أيكفيكم؟ قلنا: لا، فأضعفها، قال: فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر أخبرناه، قال: فزودنا وحملنا، ثم قال: أخبر صاحبك بما صنعت إليكم، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، وقل له يستغفر لي. فأتينا المدينة،