وقال: هذه عساكر الإسلام، فإذا قتلوا في الحرب فمن يردّ العدوّ، والبلاد فبحكمك، وأخذ يراوغه، وجاء القاضي الفاضل في الصُّلح، ووقعت المطاولة، واستقرّ العادل بمصر عند العزيز، ورجع الأفضل.
هذا ملخص ما قاله ابن الأثير.
وفي هذه المدّة جدّد العزيز الهدنة مع ملك الفرنج كندهري، وزاد في المدّة ثم لم يلبث كندهري أن سقط من مكان بعكّا فمات، واختلفت أحوال الفرنج قليلاً.
قال ابن واصل وغيره: لمّا عزم العزيز على قصد الشّام ثانياً، أشار العُقلاء على الملك الأفضل بملاطفة أخيه العزيز، ولو فعل لصلح حاله، ولرضي منه العزيز بإقامة السّكّة والخطبة له بدمشق، لكن قبل ما أشار به وزيره الضّياء ابن الأثير، من اعتصامه بعمّه العادل والالتجاء إليه، وكان ذلك من فاسد الرأي، حتّى استولى عمه على الأمر، وغلب على السَّلطنة، ولمّا رجع الأفضل من بلبيس إلى دمشق أقبل أيضًا على الزُّهد والعبادة وفوّض الأمور إلى ابن الأثير، فاختلّت به غاية الاختلال.
وفيها قدم بغداد شمس الدّين عليّ بن سوسيان بن شملة، ومعه نساء أبيه وجواريه، فتلقّي بالموكب الشريف، وكان صبيًّا بديع الجمال، تضرب بحسنه الأمثال.
وقال أبو شامة: فيها قدم العزيز إلى الشّام أيضًا ونزل على الفوار، ثمّ رحل إلى مصر لمّا سمع بقدوم العساكر مع عمّه العادل وأخيه الأفضل، فتبعاه إلى مصر، وخرج القاضي الفاضل فأصلح الحال، فدخل العادل مصر مع العزيز وأقام عنده، وردّ الملك الأفضل إلى دمشق.
وفيها كانت بالمغرب وقعة الزّلاّقة، وكانت ملحمة عظيمة بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، وبين الفنش ملك طليطلة لعنه الله.
كان الفنش قد استولى على عامّة جزيرة الأندلس، وقهر ولاتها، وكان يعقوب ببرّ العدوة مشغولًا عن نصرة أهل الأندلس بالخوارج الخارجين عليه، وبين الأندلس وبين