للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ما أحسن قول ملك البلاغة القاضي الفاضل: أمّا هذا البيت فإنّ الآباء منه اتَّفقوا فملكوا، وأنّ الأبناء منه اختلفوا فهلكوا، إذا غرب نجم فما في الحيلة تشريقه، وإذا خرق ثوبُ فما يليه إلاّ تمزيقهُ، وإذا كان الله مع الخصم فمن يطيقه؟

قال أبو شامة: وأخذت قلعة بصرى من الملك الظافر خضر ابن صلاح الدّين، أخذها أخوه.

قال: وفيها بعد خروج النّاس من مكّة هبّت ريح سوداء عمت الدنيا، ووقع على الناس رملٌ أحمر، ووقع من الركن اليمانّي قطعة، وتجرّد البيت مراراً.

قَالَ: وفيها سار عسكر خوارزم شاه على مقدمته مملوك له جاء فكسر عسكر الخليفة، وكان في مقدمته وهو عشرون ألفا ابن القصاب الوزير، أشنع من كسرة ابن يونس، وعاد العسكر إلى بغداد عرايا جياعا، وقطع رأس الوزير وبعث به وبأعلام الخليفة والخزائن، وكان ذلك على باب همذان.

ومن خبر خوارزم شاه أنه كان قد قطع نهر جيحون في خمسين ألفاً، ثمّ وصل همذان وشحن على البلاد إلى باب بغداد، وبعث إلى الخليفة يطلب السّلطنة، وإعادة دار السّلطنة إلى ما كانت، وأن يجيء إلى بغداد، وأن يكون الخليفة من تحت يده كما كانت الملوك السَّلجوقية، فانزعج الخليفة وأهل بغداد، وغلت الأسعار.

قال: وفيها كانت وقعة أخرى ليعقوب بن يوسف مع الفنش، وكان الفنش قد حشد وجمع جمعًا أكثر من الأوّل، ووقع المصاف، فكسره يعقوب، وساق خلفه إلى طليطلة ونازلها، وضربها بالمنجنيق، وضيّق عليها ولم يبق إلاّ أخذها، فخرجت إليه والدة الفنش وبناته وحريمه، وبكين بين يديه وسألنه إبقاء البلد عليهنّ، فرقّ لهنّ ومَنَّ عليهن بالبلد، ولو فتح طليطلة لفتح إلى مدينة النّحاس، وعاد إلى قرطبة وقسم الغنائم، وصالح الفنش مدّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>