للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغتهم مشوبة بلغة الهند؛ لأنهم في جوارهم، وبينهم وبين تنكت أربعة أشهر. وهم بالنسبة إلى الترك عراض الوجوه، واسعو الصدور، خفاف الأعجاز، صغار الأطراف، سمر الألوان، سريعو الحركة في الجسم والرأي، تصل إليهم أخبار الأمم، ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وقلما يقدر جاسوس أن يتمكن منهم؛ لأن الغريب لا يتشبه بهم، وإذا أرادوا جهة كتموا أمرهم ونهضوا دفعة واحدة، فلا يعلم بهم أهل بلد حتى يدخلوه، ولا عسكر حتى يخالطوه، فلهذا تفسد على الناس وجوه الحيل، وتضيق طرق الهرب، ويسبقون التأهب والاستعداد. ونساؤهم يقاتلن كرجالهم، وربما كان للمرأة رضيع فتعلقه في عنقها وترمي بالقوس. يرد على البلد منهم أولاً نفر يسير حتى يطمع فيهم أهله، فينشرون وراءهم حتى يبعدوا وذاك النفر منهزمون بين أيديهم، ثم ينهالون عليهم كقطع الليل فيعجلونهم عن المدينة فيجعلونهم كالحصيد، ويدخلون المدينة فيقتلون النساء والصبيان بغير استثناء. وأما الرجال فربما أبقوا منهم من كان ذا صنعة أو له قوة في الخدمة.

قال: والغالب على سلاحهم النشاب وكلهم يصنعه، ونصولهم قرون وحديد وعظام، ويطعنون بالسيوف أكثر مما يضربون بها. ولهم جواشن من جلود وخفاف واقية. وخيلهم تأكل الكلأ رطباً ويابساً، وما وجدت من ورق وخشب، وإذا نزلوا عنها أطلقوها. وسروجهم صغار خفاف ليس لها قيمة. وأكلهم لحم أي حيوان وجد وتمسه النار تحلة القسم. وليس في قتلهم استثناء ولا إبقاء. وكأن قصدهم إفناء النوع، وفعلوا ذلك بجميع خراسان، ولم يسلم منهم إلا أصبهان وغزنة.

قال: ويظهر من حالهم أنهم لا يقصدون الملك والمال بل إبادة العالم ليرجع يباباً.

وقال غيره: هذه القبيلة الخبيثة تعرف بالتمرجي سكان البراري قاطع الصين، ومشتاهم بموضع يعرف بأرغون. وهم طائفة مشهورة بالشر والغدر. وسبب ظهورهم أن إقليم الصين متسع مسيرة دورة ستة أشهر، ويقال: إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>