للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخلع عليه، وجرد السلطان معه عسكرًا لم يغن شيئًا، ثم وصل إلى دمشق في المحرم سنة اثنتين، وتوجه بعسكر دمشق إلى جبلة، فدخلها وأطاعه أهلها.

وأما أهل طرابلس فراسلوا المصريين يلتمسون واليًا وميرة في البحر، فجاءهم شرف الدولة ومعه الميرة الكثيرة، فلما دخلها قبض على جماعة من أقارب ابن عمار، وأخذ نعمتهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر.

وفي شعبان أطلق السلطان الضرائب والمكوس ببغداد، وكثر الدعاء له، وشرط على وزير الخليفة العدل وحسن السيرة، وأن لا يستعمل أهل الذمة، وعاد إلى أصبهان بعد إقامة نحو الستة أشهر، فأحسن فيها ما شاء، وكسا في يوم أربعمائة فقير، ومضى يومًا إلى مشهد أبي حنيفة، فانفرد وغلق عليه الأبواب يصلي ويتعبد، وكف غلمانه عن ظلم الرعية، وبالغ في ذلك.

وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى تلقاءها حصنًا، وضيق عليهم، فبذل له متوليها سبعة آلاف دينار، فترحل عنها. ونازل صيدا ونصب عليها البرج الخشب، وقاتلها في المراكب، وجاء أصطول ديار مصر ليكشف عنها، فقاتلهم أصطول الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسير عسكر دمشق نجدة لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا.

وأغار أمير دمشق طغتكين على طبرية، فخرج ملكها جرفاس - لعنه الله - فالتقوا، فقتل خلق من عسكره وأسر هو، وفرح المسلمون.

[سنة اثنتين وخمسمائة]

كان السلطان قد بعث الأمير مودودا إلى الموصل فحاصرها مدة، وانتزعها من يد جاولي سقاوو، وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرم منها، قد بعثه السلطان محمد إلى الموصل والأعمال التي بيد جكرمش، وكان جاولي سقاوو قبل هذا قد استولى على البلاد التي بين خوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمر قلاعها، وظلم وعسف، وقطع، وشنق، ثم خاف جاولي من السلطان، فبعث إليه السلطان الأمير مودودا، فتحصن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثم نزل بالأمان ووصل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>