وقال أبو علي بن حكمان في كتاب فضائل الشافعي: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: حدثنا ابن خزيمة قال: حدثنا الربيع قال: أصحاب مالك يفخرون علينا فيقولون: كان يحضر مجلس مالك نحو من ستين معمما، والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاث مائة معمم سوى من شذ عني.
وقال الحسن بن سفيان: حدثنا أبو ثور، قال: سمعت الشافعي، وكان من معادن الفقه، ونقاد المعاني، وجهابذة الألفاظ يقول: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ؛ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وأسماء المعاني معدودة محدودة، وجميع أصناف الدلالات على المعاني، لفظا وغير لفظ، خمسة أشياء أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الذي يسمى النصبة؛ والنصبة في الحال الدلالة التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات؛ ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، وعن خفائها عن التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون بهوا بهرجا وساقطا مدحرجا.
وقال الربيع: كنت أنا والمزني والبويطي عند الشافعي، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد، فدخلت على البويطي أيام المحنة، فرأيته مقيدا مغلولا.
وقال أبو بكر محمد بن إدريس وراق الحميدي: سمعت الحميدي يقول: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها، وقد روي عن الشافعي عدة إصابات في الفراسة.
وعن الشافعي قال: أقدر الفقهاء على المناظرة من عود لسانه الركض في ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رمقته العيون بالألحاظ.
وعنه قال: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
وعنه قال: العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم، فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعليم ويأنف من التعلم.