وسألته عن مولده فقال: تقديرا في سنة تسعين وأربعمائة بسهرورد.
وقال عمر بن علي القرشي: أبو النجيب إمام من أئمة الشافعية، وعلم من أعلام الصوفية، ذكر لي أنه دخل بغداد، سنة سبع وخمسمائة، وسمع من ابن نبهان غريب الحديث لأبي عبيد، وتفقه على أسعد الميهني، وعلق التعليق وقرأ المذهب وتأدب على الفصيحي، ثم آثر الانقطاع وسلوك الطريق، فخرج على التجريد حافيا إلى الحج في غير وقته، وجرت له قصص، وسلك طريقا وعرا في المجاهدات، ودخل أصبهان، وانقطع إلى أحمد الغزالي، فأرشده إلى الله بواسطة الذكر، ففتح له الطريق، وجال في الجبال، ودخل بغداد فصحب الشيخ حمادا الدباس، وشرع في دعاء الخلق إلى الله تعالى، فأقبل عليه الناس إقبالا كثيرا، وصار له قبول عظيم، وتبعه جماعة، وأفلح بسببه أمة صاروا سرجا في البلاد وأئمة هدى، وبنى مدرسة ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية، وحدث، ولم أر له أصلا يعتمد عليه بسماعه غريب الحديث.
وقال ابن النجار: أنبأنا يحيى بن القاسم التكريتي: قال: حدثنا أبو النجيب قال: كنت أدخل على الشيخ حماد، ويكون قد اعتراني بعض الفتور عما كنت عليه من المجاهدة فيقول: أراك قد دخلت علي وعليك ظلمة، فأعلم بسبب ذلك كرامة الشيخ فيه، وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد، وكنت أنزل إلى دجلة فأتقلب في الماء ليسكن جوعي، حتى دعتني الحاجة إلى أن اتخذت قربة أستقي بها الماء لأقوام، فمن أعطاني شيئا أخذته، ومن لم يعطني لم أطالبه، ولما تعذر ذلك في الشتاء علي خرجت يوما إلى بعض الأسواق، فوجدت رجلا بين يديه طبرزد، وعنده جماعة يدقون الأرز، فقلت: هل لك أن تستأجرني؟ فقال: أرني يديك، فأريته فقال: هذه يد لا تصلح إلا للقلم، ثم ناولني قرطاسا فيه ذهب، فقلت: ما آخذ إلا أجرة عملي، فإن كان عندك نسخ تستأجرني في النسخ وإلا انصرفت، وكان رجلا يقظا، فقال: اصعد، وقال لغلامه: ناوله تلك المدقة، فناولني، فدققت معهم وليس لي عادة، وصاحب الدكان يلحظني، فلما عملت ساعة قال: تعال، فجئت إليه فناولني الذهب وقال: هذا أجرتك فأخذته وانصرفت، ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم، فاشتغلت حتى أتقنت المذهب، وقرأت أصول الدين وأصول