للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجرت مناظرة فقال له بعض اللغويين: إنك لا تعرف اللغة، فأنف الشيخ وتوفر على درس اللغة ثلاث سنين، فبلغ طبقة عظيمة من اللغة، وصنف بعد ذاك كتاب لسان العرب ولم يبيضه.

قال: وكان الشيخ قوي القوى كلها، وكان قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب، وكان كثيرا ما يشتغل به، فأثر في مزاجه، وكان يعتمد على قوة مزاجه حتى صار أمره إلى أنّ أخذه القولنج، وحرص على برئه؛ حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح بعض أمعائه وظهر به سحج، وسار مع علاء الدولة، فأسرعوا نحو إيذج، فظهر به هناك الصرع الذي قد يتبع علة القولنج، ومع ذلك كان يدبر نفسه ويحقن نفسه لأجل السحج. فأمر يوما باتخاذ دانقين من بزر الكرفس في جملة ما يحتقن به طلبا لكسر الرياح، فقصد بعض الأطباء الذي كان هو يتقدم إليه بمعالجته فطرح من بزر الكرفس خمسة دراهم، لست أدري عمدا فعله أم خطأ، لأنني لم أكن معه، فازداد السحج به من حدة البزر، وكان يتناول المثروذيطوس لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئا كثيرا من الأفيون فيه وناوله، فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنوا هلاكه ليأمنوا، فنقل الشيخ إلى أصبهان وبقي يدبر نفسه، واشتد ضعفه، ثم عالج نفسه حتى قدر على المشي، لكنه مع ذلك يكثر المجامعة، فكان ينتكس.

ثم قصد علاء الدولة همذان، فسار الشيخ معه فعاودته تلك العلة في الطريق إلى أنّ وصل إلى همذان، وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبر الذي كان يدبر بدني قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع المعالجة، وبقي على هذا أياما، ومات عن ثلاث وخمسين سنة.

انتهى قول أبي عبيد.

وقبره تحت سور همذان، وقيل: إنه نقل إلى أصبهان بعد ذلك.

قال ابن خلكان في ترجمة ابن سينا: ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه

<<  <  ج: ص:  >  >>