إلى الناس في تركها، وبإحراق كتب الفلسفة، سوى الطب، والحساب، والمواقيت. ثم لما رجع إلى مراكش نزع عن ذلك كله، وجنح إلى تعلم الفلسفة، واستدعى ابن رشد للإحسان إليه، فحضر ومرض، ومات في آخر سنة أربع.
وتوفي أبو يوسف في غرة صفر، وولي بعده ولي عهده ابنه أبو عبد الله محمد، وكان قد جعله في سنة ست وثمانين ولي العهد، وله عشر سنين إذ ذاك.
وقال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: حدثني أبو مروان الباجي قال: ثم إن المنصور نقم على أبي الوليد، وأمر بأن يقيم في بلد اليسانة، وأن لا يخرج منها، ونقم على جماعة من الأعيان، وأمر بأن يكونوا في مواضع أخر لأنهم مشتغلون بعلوم الأوائل. والجماعة أبو الوليد، وأبو جعفر الذهبي، ومحمد بن إبراهيم قاضي بجاية، وأبو الربيع الكفيف، وأبو العباس الشاعر القرابي. ثم إن جماعة شهدوا لأبي الوليد أنه على غير ما نسب إليه، فرضي عنه وعن الجماعة، وجعل أبا جعفر الذهبي مزوارًا للأطباء والطلبة.
ومما كان في قلب المنصور من أبي الوليد أنه كان إذا تكلم معه يخاطبه بأن يقول: تسمع يا أخي.
قلت: واعتذر عن قوله ملك البربر بأن قال: إنما كتبت ملك البرين، وإنما صحفها القارئ.
وقال الإمامة أبو شامة: وفيها توفي خليفة المغرب أبو يوسف الذي كسر الفنش. وكان قد قام بالملك بعد أبيه أحسن قيام، ونشر كلمة التوحيد ورفع راية الجهاد، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأقام الحدود على أقربائه وغيرهم.