وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: كنت إذا دخلت منزلي بالليل قرأت آية الكرسي على داري وعيالي خمس مرات، فبينا أنا أقرأ، إذا شيء يكلمني: كم تقرأ هذا، كأن إنسان لم يحسن أن يقرأ غيرك؟ فقلت: وأرى هذا يسوؤك، والله لأزيدنك إلا غيظا، فجعلت أقرأها في الليل خمسين ستين مرة.
قال عباس الدوري: قلت ليحيى بن معين: ما تقول في الرجل يقوم للرجل حديثه؟ يعني ينزع منه اللحن، فقال: لا بأس بحديثه.
وقال عباس: سمعت يحيى يقول: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه.
وقال مجاهد بن موسى: سمعت ابن معين يقول: كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزا نضيجا.
قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت ابن معين يقول: ما الدنيا إلا كحلم حالم. والله ما ضر رجلا اتقى الله على ما أصبح وأمسى، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة، خرجت راجلا من بغداد إلى مكة، هذا منذ خمسين سنة كأنما كان أمس. قلت ليحيى بن معين: ترى أن ينظر الرجل في الرأي؛ رأي الشافعي وأبي حنيفة؟ قال: ما أرى لمسلم أن ينظر في رأي الشافعي، ينظر في رأي أبي حنيفة أحب إلي.
قلت: إنما يقول هذا يحيى لأنه كان حنفيا، وفيه انحراف معروف عن الشافعي، والإنصاف عزيز.
قال ابن الجنيد: سمعت يحيى يقول: تحريم النبيذ صحيح، وأقف عنده لا أحرمه؛ قد شربه قوم صالحون بأحاديث صحاح، وحرمه قوم صالحون بأحاديث صحاح. أنا سمعت يحيى بن سعيد يقول: حديث الطلاء، وحديث عتبة بن فرقد جميعا صحيحان.
وقال علي ابن المديني: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين.
وقال القواريري: قال لي يحيى القطان: ما قدم علينا مثل هذين الرجلين؛ أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
وقال أحمد بن حنبل: كان يحيى بن معين أعلمنا بالرجال.