وضنّت بمثله الأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية، فأما الحديث فهو سابق فرسانه، وأما الفقه فهو فارس ميدانه، أعرف الناس بالفُتيا، وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع عند الخاصة والعامة، حسن الاعتقاد، ذو أناة وحِلم ووقار، وكان مجلسه عامراً بالفقهاء والمحدّثين وأهل الخير، وصار في آخر عمره يقصده كل أحد، وكان كثير العبادة، دائم التهجّد، لم نر مثله، ولم يرَ مثل نفسه.
وقال الضياء في سيرته: كان تام القامة أبيض مشرق الوجه، أدعج العينين، كأن النور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، متّعه الله بحواسّه حتى توفي، رحل هو والحافظ عبد الغني، فأقاما ببغداد نحواً من أربع سنين، ثم رجعا وقد حصلا الفقه والحديث والخلاف، أقاما خمسين ليلة عند الشيخ عبد القادر، ومات، ثم أقاما عند أبي الفرج ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط الشيخ محمود النعّال، واشتغلا على ابن المنّي، ثم سافر هو ثانية إلى بغداد سنة سبع وستين، هو والشيخ العماد، فأقاما سنة، وكان لحقهما عبيد الله أخوه، وعبد الملك بن عثمان، فضيّقا عليهما، لكونهما حَدَثين، فرجع بهما إلى دمشق، ثم حج سنة ثلاث وسبعين ووالدي وعمرو بن عبد الله، وردّوا على درب العراق.
ذكر تصانيفه:
البرهان في القرآن جزءان، مسألة العُلوّ جزءان، الاعتقاد جزء، ذم التأويل جزء، كتاب القّدر جزءان، كتاب فضائل الصحابة جزءان، كتاب المتحابّين جزءان، جزء فضل عاشوراء، جزء فضائل العشر، ذم الوسواس جزء، مشيخته جزء ضخم، وغير ذلك من الأجزاء، وصنّف: المغني في الفقه في عشر مجلّدات كبار، والكافي في أربعة مجلّدات، والمُقنِع مجلد، والعُمدة مجلد لطيف، والتوابين مجلد صغير، والرقة مجلد صغير، مختصر الهداية مجلد صغير، التبيين في نسب القرشيين مجلد صغير، الاستبصار في نسب الأنصار مجلد، كتاب قنعة الأريب في