الدرس. فقال: أين كنت؟ قال: مضيت أبصرت ابن دارست. فقال: ويحك، تمضي وتنظر إلى الظلمة؟ وعنفني.
قال: وكان ينهانا دائما عن مخالطة أبناء الدنيا، وعن النظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمر بالاشتغال بالعلم ومجالسة الصالحين.
سمعتُ خالي عبد الله يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرؤساء بعد مجيء طغرلبك، وقد أنفذ إليه غير مرة ليحضر، فلما حضر زاد في إكرامه، وأجلسه إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المسلمة وبيت الفراء ممتزجين، فما هذا الانقطاع؟ فقال له القاضي: روي عن إبراهيم الحربي أنه استزاره المعتضد، وقربه وأجازه، فرد جائزته، فقال له: اكتم مجلسنا، ولا تخبر بما فعلنا بك ولا بماذا قابلتنا.
فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني. قال: فقال له رئيس الرؤساء كلاما أسره إليه، ومد كمه إليه، فتأخر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفاية ودعة. فقلت له: يا سيدنا ما قال لك؟ قال: قال لي: معي شوي من بقية ذلك الإرث المستطاب، وأحب أن تأخذه. فقلت: أنا في كفاية.
سمعتُ بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حصب القائم وعوفي، حضر الشيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب الغربة، لتهنئ الخليفة بالعافية. فمضى إلى هنالك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنية، وعرفه شكر الإمام لسعيه، وتبركه بدعائه، وسأله قبول ذلك. قال: فوالله ما مسها، ولا قبلها.
سمعتُ جماعة من أهلي أن في سنة إحدى وخمسين وقع النهب بالجانب الغربي، انتقل الوالد، وكان في بيته خبز يابس، فنقله معه، وترك نقل رحله، لتعذر من يحمله، فكان يقتات منه، وقال: هذه الأطعمة اليوم نهوب