ثمّ إن محمد بن رائق أمير واسط ونواحيها كاتَبَهم، فأتوا إليه، فأكرمهم وقدَّم عليهم بجكم، وأفرط في الإحسان إليه، وأمره بمكاتبة جُنْد الجبال ليَقْدَمُوا عليه. ففعلوا، فصار عنده عدّة كبيرة، وتمكّن وجبى الخراج.
[سنة أربع وعشرين وثلاثمائة]
فيها: تُوُفّي هارون ابن المقتدر، وحزن عليه أخوه الخليفة، واغتّم له، وأمرَ بِنَفْي الطّبيب بُخْتيشوع بن يحيى، واتهمه بتعمُّد الخطأ في علاجه.
وفيها: قلّد ابن مقلة أبا بكر محمد بن طُغْج أعمال المعاون بمصر مُضافاً إلى ما بيده مِن الشّام.
وفيها: قطع الحمل عن بغداد محمد بن رائق، واحتجَّ بكثرة كلْفة الجيش عنده، وقطع حمْل الأهواز، وطمع غيرهم.
وفي ربيع الأوّل أطلق من الحبس المظفر بن ياقوت، وحلف للوزير على المصافاة، وفي نفسه الحقْد عليه لأنه نكبه، ونكب أخاه محمداً. ثمّ أخذ يسعى في هلاكه ويشغب عليه الحجرية. فعلم الوزير فاعتضد بالأمير بدر صاحب الشرطة ليوقع بالمظفر، فانحدر بدر وأصحابه بالسلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحجرية من دخولها، فضعفت نفس المظفر، وأشار على الحجرية بالتذلل لابن مقلة، وأظهر له المظفر أنه على أيمانه، فاغتر بذلك وصرف بدراً والجند من دار الخلافة. فمشى الغلمان بعضهم إلى بعض