وفيها سار صنجيل إلى حصن الأكراد فحصره، فجمع جناح الدولة عسكراً ليسير إليهم ويكبسهم، فقتله، كما قلت، باطني بالجامع، وقيل: إن ربيبه الملك رضوان جهز عليه من قتله. وصبح صنجيل حمص فنازلها، ونزل القمص على عكا، وجد في حصارها، وكاد أن يأخذها، فكشف عنها المسلمون.
وفيها سار القمص صاحب الرها إلى أن نازل بيروت، فحاصرها مدة، ثم عجز عنها وترحل.
وفيها عاد سنجر من بغداد إلى خراسان فخطب لأخيه محمد بجميع خراسان، ثم مرض سنجر فطمع صاحب سمرقند جبريل بن عمر في خراسان، وجمع عساكر تملأ الأرض - قيل: كانوا مائة ألف فيهم خلق من الكفار، وقصد خراسان، وكان قد كاتبه كندغدي أحد أمراء سنجر، وأعلمه بمرض سنجر، وبأن السلطانين في شغل بأنفسهما، ثم عوفي سنجر، فسار لقصده في ستة آلاف فارس، إلى أن وصل بلخ، فهرب كندغدي إلى خدمة قدرخان، وهو صاحب سمرقند واسمه جبريل بن عمر، ففرح بمقدمه، وسار معه فملك ترمذ، وقرب قدرخان بجيوشه إلى بلخ، فجاءت العيون إلى سنجر وأخبروه أن قدرخان ذهب يتصيد في ثلاثمائة فارس، فندب الأمير بزغش لقصده، فساق ولحقه وقاتله، فانهزم أصحاب قدرخان لقلتهم، وأسر قدرخان وكندغدي، وأحضرا بين يدي سنجر، فقبل قدرخان الأرض واعتذر، فأمر به فقتل، وانملس كندغدي، فنزل في قناة مشى فيها قدر فرسخين تحت الأرض، على ما به من النقرس، وقتل فيها حيتين، وطلع من القناة، فصادف أصحابه، فسار في ثلاثمائة فارس إلى غزنة.
قال ابن الأثير: وقيل: بل جمع سنجر عساكر كثيرة، والتقى بصاحب سمرقند، وكثر القتل في الناس، وانهزم قدرخان صاحب سمرقند، وأسر، ثم قتل، وحاصر سنجر ترمذ، وبها كندغدي، فنزل بالأمان، وأمره بمفارقة بلاده، فسار إلى غزنة، فأكرمه صاحبها علاء الدولة وبالغ، ثم خاف منه كندغدي، فهرب، فمات بناحية هراة.