وكتب الكثير بخطّه. وقرأ على الشيوخ. وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الضّياء.
وكان محدّثاً، فاضلاً، نبيهاً، حسن التحصيل وافر الدّيانة، كثير العبادة، نزِهاً، عفيفاً، مخلصاً، كبير القدر.
روى عنه القاضي تقي الدين سليمان والشيخ تقي الدين ابن تيميَّة وابن العطار والمزي وابن مسلم وابن الخباز والبرزالي، وخلق يبقون إن شاء الله إلى بعد الخمسين وسبعمائة.
وقد حجّ مرتين ودرس بالضيائية وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل. وغزا غير غزوة. وكان كثير التواضع، كثير الذِّكر، حسن الشكل، عليه مهابة وسكون، وفيه مروءة وإيثار.
وسألت عنه المزي فقال: أحد المشايخ الِجلّة المشهورين بالعبادة والورع والعلم والفضل. سمع الكثير من الإمام أبي محمد بن قدامة وغيره، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني كتاب مكارم الأخلاق وأجاز له: المؤيد الطوسي وأبو روح وجماعة.
وقال قطب الدين: توفي ليلة تاسع جمادى الأولى ودفن بمقبرة الشيخ الموفق.
وحكي لي عنه أنّه حفر مكاناً بالصالحية لبعض شأنه، فوجد جرّة مملوءة دنانير وكانت معه زوجته تعينه على الحفر، فاسترجع وطمّ المكان، وقال لزوجته: هذه فتنة ولعل لهذا مستحقّين لا نعرفهم. وعاهدها على أنها لا تشعر بتلك الجرة أحداً ولا تتعرَّض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله، فتركا ذلك تورعاً مع فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزهد.
٥٢٧ - محمد بن عبد الكريم بن دُرارة، الصالح، المؤذن، أبو الفضل، جمال الدين المصري، المحدث.
ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع وقد كبر من ابن المقير وابن رواج وجماعة من أصحاب السلفي، ونسخ الكثير ووقف كتبه وأجزاءه، كتب عنه