وبكتاب المعتضد يأمره فيه بتسليم عمرو إليه، فامتنع وقال: هذا رجل أهل خراسان والري وجميع البلدان التي يجتاز بها؛ يميلون إليه، وهم كالعبيد له، ومتى سلمته إليك وشخصت به لم آمن أن تخرج إليكم العساكر من عند طاهر بن محمد بن عمرو، فيسلمونه منكم، ويوقعون بكم. ولولا أن الله أظفرني به بلا حرب لطال علي أن أظفر به، ومن كنت أنا عنده مع قوة سلطانه؟ والله يا أبا محمد لقد كتب إلي من غير تكنية يقول: يا ابن أحمد، والله لو أردت أن أعمل جسرًا على نهر بلخ من دنانير لا من خشب لفعلت وصرت إليك حتى أقبض عليك. فكتبت إليه: الله بيني وبينك، وأنا رجل ثغري مصاف للترك، لباسي الكردواني والغليظ، لا مال لي، ورجالي إنما هو جيش بغير رزق، وقد بغيت علي، والله بيني وبينك.
فلم يزل عبد الله يناظره ويسأله تسليم عمرو إليه، فقال: إن أحببت أن يحمل رأسه إلى سيدي أمير المؤمنين، وطال الخطاب إلى أن أذعن بحمله معه، فوافى رجال إسحاق بعمرو بن الليث، وسلم إلى عبد الله مقيدًا وعليه دراعة خز مبطنة بثعلب، ووكل به تكين التركي، وأمر أن يعادله على الجمازة في قبة، ومعه سكين طويلة، وقال: متى خرج إليكم أحد يحاربكم فاذبحه في الحال. وبعث معه نحو خمسمائة نفس، فكان عمرو يدعو الله على إسماعيل ويقول: غدر بي، خذله الله. ولم يزل صائمًا إلى أن وافى كتاب الوزير عبيد بن سليمان إلى عبد الله بن الفتح يأمره بترفيهه وبسط أمله وإكرامه، فأكل ثلاثة أيام، وعاود الصوم. وجرت له أمور حتى أنه اشتري له فانيذ بثلاثة دراهم، فعرفت أبا حامد أحمد بن سهل وكيله بذلك ليشتري له، فبكى وجعل يتعجب من الدنيا وقال: يا أبا الحسن، عهدي به إذا سار إلى بلده يحمل فرشه ومطبخه على ستمائة جمل، وهو اليوم يطلب بدرهم فانيذًا، ورأيت سراويل عمرو وقد نزلنا سمنان على حائط الخان، وقد غسله غلامه، والريح تلعب به، والناس يتعجبون من ذلك. وكان إذا سار معنا يخرج رأسه من العمارية ويقول لمن يمر به بالفارسية: يا سادتي، ادعو الله لي بالفرج. فكان الناس وأصحاب عبد الله بن الفتح يدعون له، وكان يتصدق بسائر ما يرتب له من المنزل. وأما تكين عديله، فإنه أكل حملًا تامًا، فمات فجاءة واستراح عمرو منه، وأركب معه شخص ظريف كان معنا، فكان عمرو يدعو على إسماعيل ويقول: خذله