للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشأ بجيّان، وقدم العراق، ودخل خراسان، وسمع الكثير ونسخ وجمع، وسمع مع ابن عساكر، وابن السمعاني.

قال ابن السمعاني: كان شابًا، صالحًا، ديّنًا، خيّرًا، حريصًا على طلب العلم، مجدًّا في السماع، صحيح النقل، حسن الخط، له معرفة بالحديث، كتب عني وكتبت عنه، وكان حسن الأخلاق، متوددًا، متواضعًا، يفيد الناس ويسمعهم ويقرأ لهم، ثم دخل بلخ، وصار إمام مسجد راغوم إلى أن مات.

وقال لي: ولدت سنة بضع وتسعين وأربعمائة، وقد أسره الفرنج وقاسى شدائد، وخلّصه الله، توفي ببلخ في سلخ ذي القعدة.

قلت: لم يذكره أبو عبد الله الأبّار.

٤٩٠ - أبو الحسين بن عبد الله بن حمزة المقدسي، الزاهد.

من أولي المقامات والكرامات، قد جمع الضياء المقدسي جزءًا في أخباره، فسمعه منه بفوت ابنا أخويه: الفخر بن علي البخاري، والشمس محمد ابن الكمال.

قال: حدثني الإمام عبد الله بن أبي الحسن الحيّاني بأصبهان، قال: مضيت إلى زيارة الشيخ أبي الحسين الزاهد بحلب، ولم تكن نيتي صادقة في زيارته، فخرج إلي وقال: إذا جئت إلى المشايخ فلتكن نيّتُك صادقة في الزيارة، وقال: كان لي شَعرٌ قد طال، وكنت قد حلقته قبل ذلك، فقال لي أبو الحسين: إذا كنت قد جعلت شيئًا لله فلا ترجع فيه.

سألت خالي أبا عمر عن الشيخ أبي الحسين، وقلت له: هل رأيته يأكل شيئًا؟ قال: رأيته يأكل خرّوبًا، يمتصّه ثم يرمي به، ورأيته يأكل بقلًا مسلوقًا.

قال: ونقلت من خط الإمام أبي سعد السمعاني قال: سمعت سنان بن مشيّع الرّقي يقول: رأيت أبا الحسين المقدسي برأس العين، في موضع قاعدًا عريانًا، وقد اتّزر بقميصه، ومعه حمار، والناس قد تكابّوا عليه، فجئت وطالعته، فأبصرني وقال: تعال، فتقدّمت، فأخذ بيدي وقال: نتواخى؟ قلت: ما لي طاقة، فقال: أيش لك في هذا، وآخاني، وقال لواحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>