للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذي الحجة، فولي الخطابة بعده أخوه (١).

٥٣٧ - محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله محمد بن أبي نصر، الإمام، العلامة، حجة العرب، بهاء الدين أبو عبد الله ابن النحاس الحلبي، النحوي، شيخ العربية بالديار المصرية.

ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بحلب، وسمع من ابن اللتي والموفق يعيش النحوي وأبي القاسم بن رواحة وأبي الحجاج بن خليل ووالده، وقرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي، وأخذ العربية عن جمال الدين محمد بن محمد بن عمرون، ودخل الديار المصرية لما خربت حلب، وقرأ القراءات على الكمال الضرير وأخذ عن بقايا شيوخها، ثم جلس للإفادة، وتخرج به أئمة وفضلاء في الأدب.

وكان من أذكياء بني آدم وله خبرة بالمنطق وإقليدس، وهو مشهور بالدين والصدق والعدالة، مع اطراح التكلف وترك التجمل وصغر العمامة، وقد رأيته يمشي بالليل في قصبة القاهرة بقميص وعلى رأسه طاقية فقط، وكان حسن الأخلاق، محببًا إلى تلامذته، فيه ظرف النحاة وانبساطهم، وكان له صورة كبيرة، وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكموه فيها وثوقًا بدينه، وكان يتحدث في تعليمه وخطابه بلغة عامة الحلبيين، ولا يتقعر في عبارته، وكان معروفًا بحل المشكلات والمعضلات، واقتنى كتبًا نفيسة كثيرة، وأظنه لم يتزوج قط.

قال علم الدين البرزالي: كان له أوراد من العبادة، وله تصدير بمصر والقاهرة.

قلت: قرأت عليه جزء بيبى (٢)، وتوفي في سابع جمادى الأولى، وشيعه الخلق إلى القرافة الصغرى، ودفن عند والدته، وصلوا عليه بدمشق صلاة الغائب.

وقال الحافظ عبد الكريم في تاريخه: كان شيخ النحاة في وقته، وله مشاركة في العلوم، وكان كثير التلاوة للقرآن، كثير الذكر والصلاة، ثقة،


(١) ينظر تاريخ ابن الجزري ٢/ الورقة ١٤٤ (باريس).
(٢) ينظر معجم شيوخ الذهبي الكبير ٢/ ١٣٦ - ١٣٧.