وسمعت محمود بن سلامة الحراني، قال: ما أخرجنا الحافظ من أصبهان إلا في إزار. وذلك أن بيت الخجندي أشاعرة يتعصبون لأبي نعيم، وكانوا رؤساء أصبهان.
سمعت الحافظ يقول: كنا بالموصل نسمع الجرح والتعديل للعقيلي، فأخذني أهل الموصل وحبسوني، وأرادوا قتلي من أجل ذكر أبي حنيفة فيه. قال: فجاءني رجل طويل معه سيف، فقلت: لعله يقتلني وأستريح. قال: فلم يصنع شيئاً. ثم أطلقت. وكان يسمع هو وابن البرني، فأخذ ابن البرني الكراس التي فيها ذكر أبي حنيفة، ففتشوا الكتاب، فلم يجدوا شيئاً، فهذا كان سبب خلاصه.
قلت: سمعت عبد الحميد بن خولان، قال: سمعتُ الضياء يقول: كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق، ويجتمع الخلق عليه، فحُسد، وشرعوا يعملون لهم وقتًا في الجامع، ويقرأ عليهم الحديث، ويجمعون الناس، فهذا ينام، وهذا قلبه غير حاضر، فلم يشف قلوبهم، فشرعوا في مكيدةٍ، فأمروا الناصح ابن الحنبلي بأن يعظ بعد الجمعة تحت النسر، وقت جلوس الحافظ، فأخر الحافظ ميعاده إلى العصر. فلما كان في بعض الأيام، والناصح قد فرغ، وقد ذكر الإمام، فدسوا إليه رجلًا ناقص العقل من بيت ابن عساكر، فقال للناصح ما معناه: إنك تقول الكذب على المنبر. فضرب الرجل وهرب، وخبئ في الكلاسة، ومشوا إلى الوا ي، وقالوا له: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلا الفتنة. وهم وهم واعتقادهم. ثم جمعوا كبراءهم، ومضوا إلى القلعة، وقالوا للوالي: نشتهي أن تحضر الحافظ. وسمع مشايخنا، فانحدروا إلى المدينة، خالي الموفق، وأخي الشمس البخاري، والفقهاء، وقالوا: نحن نناظرهم. وقالوا للحافظ: اقعد أنت لا تجئ، فإنك حاد، ونحن نكفيك. فاتفق أنهم أرسلوا إلى الحافظ فأخذوه، ولم يعلم أصحابنا، فناظروه وكان أجهلهم يغري به، فاحتد. وكانوا قد كتبوا شيئًا من اعتقادهم، وكتبوا خطوطهم فيه، وقالوا له: اكتب خطك. فلم يفعل. فقالوا للوالي: قد اتفق الفقهاء كلهم، وهذا