فوصل إلى الإسكندرية، فملكها وملك الفيوم، وصار في يده أكثر خراج مصر، وضيق على أهلها. ثم رجع.
ثم قدمها في سنة سبعٍ وثلاثمائة، فأزاح عامل المقتدر عن مصر ودخلها. ثم خرج إلى الجيزة في جحفلٍ عظيم، فبلغ المقتدر بالله، فجهز مؤنساً الخادم إلى حربه، فجد في السير وقدم مصر، والقائم مالك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد، فالتقى الجمعان وجرت بينهما حروب لا توصف. ووقع في جيش القائم الوباء والغلاء، فمات الناس وخيلهم. فتقهقر إلى إفريقية، وتبعه عسكر المسلمين إلى أن بعد عنهم ودخل المهدية، وهي المدينة التي بناها أبوه.
وفي أيامه خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد، وخرج معه خلق كثير من المسلمين الصلحاء ابتغاء وجه الله تعالى لما رأوا من إظهاره للبدعة وإماتته للسنة. وجرت له مع هؤلاء أمور.
وبخروج هذا الرجل الصالح وأمثاله على بني عبيد، أحسنوا السيرة مع الرعية، وتهذبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الخبيث، وساسوا ملكهم، وقنعوا بإظهار الرفض والتشيع.
توفي القائم بالمهدية في شوال سنة أربعٍ هذه، ومخلد المذكور محاصر له. وقيل: إن مخلدا كان على رأي الخوارج.
وكان مولد القائم بسلمية في حدود الثمانين ومائتين. وقام بعده في الحال ولده المنصور إسماعيل. وكتم موت أبيه. وبذل الأموال، وجد في قتال مخلد.
وقد ورد عن القائم عظائم، منها ما نقله القاضي عياض، وغيره، قال: لما أظهر بنو عبيد أمرهم نصبوا حسن الأعمى السباب، لعنه الله، في الأسواق للسب بأسجاع لُقنها، منها: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. وغير ذلك.
١٥٩ - نصر بن محمد بن عبد العزيز، أبو القاسم البغدادي الدلال.
سمع الحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن منصور الرمادي. وعنه: أبو