تسع وسبعين وأربعمائة حين توجه أبوه إلى غزو الروم، ونشأ ببلاد الخزر، وسكن خراسان، واستوطن مرو.
وقال ابن خلكان: تولى المملكة نيابة عن أخيه بركياروق سنة تسعين وأربعمائة، ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وقال ابن السمعاني: وكان في أيام أخيه يلقب بالملك المظفر إلى أن توفي أخوه السلطان محمد بالعراق في ذي الحجة سنة إحدى عشرة، فلقب بالسلطان. وقال: ورث الملك عن آبائه وزاد عليهم: ملك البلاد، وقهر العباد، وخطب له على أكثر منابر الإسلام. وكان وقورًا، حييًا، سخيًا، كريمًا، مشفقًا، ناصحًا لرعيته، كثير الصفح، صارت أيام دولته تاريخًا للملوك، وجلس على سرير الملك قريبًا من ستين سنة. أقام ببغداد، وانصرف منها إلى خراسان، ونزل مرو، وكان يخرج منها ويعود.
قال: وحكى أنه دخل مع أخيه محمد على الإمام المستظهر بالله، قال: فلما وقفنا بين يديه ظن أني أنا هو السلطان، فافتتح كلامه معي، فخدمته وقلت: يا مولانا أمير المؤمنين السلطان هو وأشرت إلى أخي. ففوض إليه السلطنة، وجعلني ولي العهد بعده بلفظه.
قال ابن السمعاني: واتفق أن في سنة إحدى وتسعين لما هزم عساكر أخيه والأمير حبشي كان فتحًا عظيمًا في الإسلام، فإن أكثر ذلك العسكر كان ممن يميل عن الحق، فبلغ ذلك الإمام أبا الحسن علي بن أحمد المديني المؤذن، فصلى ركعتين، وسجد شكرًا لله. ثم أجاز للسلطان سنجر جميع مسموعاته، فقرأت عليه بها أحاديث. وكان قد حصل له طرش.
قال ابن الجوزي: واتفق أنه حارب الغز، يعني قبل الخمسين، فأسروه، ثم تخلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه بمرو.
وقال القاضي ابن خلكان: كان من أعظم الملوك همة، وأكثرهم عطاء. ثم قال: ذكر أنه اصطبح خمسة أيام متوالية، ذهب بها في الجود كل مذهب، فبلغ ما وهبه من العين سبعمائة ألف دينار، سوى الخلع والخيل.