للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى نزل عليهم وحاصرهم، فبذلوا له ثلاثمائة ألف دينار وإطلاق ما عندهم من الأسارى، فأبى إلا أن يخرجوا بالأمان بما قدروا على حمله، أو أن يكونوا في طاعته ويخربوا سورهم، فامتنعوا.

وأخذت الروم ثغر المصيصة وقتلوا كل الرجال، فلم يفلت منهم إلا سبعة نفر، فما شاء الله كان.

[سنة خمس وخمسين وثلاثمائة]

أقيم المأتم يوم عاشوراء ببغداد على العادة.

وفيها ورد الخبر بأن ركب الشام ومصر والمغرب أخذوا وهلك أكثرهم، ووصل الأقل إلى مصر، وتمزق الناس كل ممزق، فلا حول ولا قوة إلا بالله، أخذتهم بنو سليم، وكان ركبا عظيما بمرة نحو عشرين ألف جمل معهم الأمتعة والذهب، فمما أخذ لقاضي طرسوس المعروف بالخواتيمي عشرون ألف دينار.

وفيها سار جيش من خراسان بضعة عشر ألفا إلى غزو الروم، فأتوا الري، فبعث إليهم ركن الدولة إقامات كثيرة، فلما كان في يوم من الأيام ركب هؤلاء الغزاة إلى منازل قواد ركن الدولة، فقتلوا من وجدوا من الديلم، ونهبوا دار أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة، فظفر بهم وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة، فانهزموا على طريق أذربيجان، ثم قدموا الموصل إلى الشام فغزوا في الروم.

وفيها قدم أبو الفوارس محمد ابن ناصر الدولة من الأسر إلى ميّافارقين، أخذته أخت الملك لتفادي به أخاها، فجاء ستة آلاف فنفّذ سيف الدولة أخاها في ثلاثمائة إلى حصن الهتاخ (١). فلما شاهد بعضهم بعضًا سرّح المسلمون أسيرهم في خمسة فوارس، وسرّح الروم أسيرهم أبا الفوارس في خمسة، فالتقيا في وسط الطريق وتعانقا، ثم صار كل واحد إلى أصحابه، فترجّلوا له وقبّلوا الأرض، ثم احتفل سيف الدولة لابن أخيه وعمل له الخيل والمماليك والعدد التامّة، فمن ذلك مائة مملوك بمناطقهم وسيوفهم وخيولهم.

وفيها قتل رشيق النسيمي، ويقال: لم يقتل بل أصابته هيضة وضعف


(١) قلعة حصينة قرب مَيافارقين، كما في معجم البلدان.