حلب، وتملكها بعد أبيه، وجعل زوج أمه جناح الدّولة حسين بن أيدكين أتابكه ومدبر دولته، فأحسن السياسة، وصالحهم صاحب أنطاكية ياغي سيان التركماني، فقصدوا ديار بكر، والتف عليهم نواب الأطراف الذين لتتش، فساروا يريدون سروج، فسبقهم إليها الأمير سقمان بن أرتق، فحكم عليها. ثمّ ملك رضوان الرها، ووهبها لصاحب أنطاكية. ثمّ وقع بينهم اختلاف، فسار جناح الدّولة مسرعاً إلى حلب، ثمّ قدم رضوان.
وأما أخوه دقاق الملك فإنه كان في خدمة عمه السّلطان ملكشاه، وهو صبي قد خطب ابنة السّلطان، وسار بعد موت عمه مع تركان إلى أصبهان. ثمّ خرج إلى بركياروق، فصار معه، ثمّ هرب إلى أبيه، وحضر مقتل أبيه، وهرب مع بعض المماليك إلى حلب، فبقي مع أخيه، فراسله الخادم ساوتكين متولي قلعة دمشق سراً، يدعوه ليملكه فهرب، وأرسل أخوه وراءه فوارس، فلم يدركوه، وفرح الخادم بقدومه، وتملك دمشق.
واتفق مجيء طغتكين هو وجماعة من خواص تتش قد سلموا، فخرج لتلقيهم دقاق وأكرمهم، وقيل: كانوا قد أسروا يوم المصاف، ثمّ تخلصوا. وكان طغتكين زوج أم دقاق، فتمكن من الأمور، وعمل على قتل الخادم فقتله.
وجاء إلى الخدمة ياغي سيان صاحب أنطاكية، ومعه أبو القاسم الخوارزمي، فاسوزره دقاق.
وفيها توفي المعتمد بن عباد مسجوناً بأغمات وكان من محاسن الدنيا جوداً، وشجاعة، وسؤدداً، وفصاحة، وأدباً، وما أحسن قوله:
سلت علي يد الخطوب سيوفها فجذذن من جسدي الخصيب الأفتنا ضربت بها أيدي الخطوب وإنما ضربت رقاب الآملين بنا المنى يا آملي العادات من نفحاتنا كفوا، فإن الدهر كف أكفنا وفيها توفي الوزير أبو شجاع وزير الخليفة مجاوراً بالمدينة.
وفيها عملوا سور الحريم ببغداد، فزينوا البلد لذلك، وعملوا القباب والمغاني، وجدوا فيه.