للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه: الذي قالوه لك مكر، ولا يدفعون إليك شيئا، فاغتاظ، وكمن حول قصر أم جعفر في السلاح والرجال، وذلك لخمس بقين من المحرم، فلما خرج محمد وصار في الحراقة رموه بالنشاب والحجارة، فانكفأت الحراقة، وغرق محمد وهرثمة ومن كان فيها، فسبح محمد حتى صار إلى بستان موسى، فعرفه محمد بن حميد الطاهري، فصاح بأصحابه، فنزلوا ليأخذوه، فبادر محمد الماء، فأخذ برجله وحمل على برذون، وخلفه من يمسكه كالأسير.

وعن خطاب بن زياد أن محمدا وهرثمة لما غرقا أتانا محمد بن حميد، فأسر إلى طاهر أنه أسر محمدا، فدعا طاهر بمولاه قريش الدنداني، فأمره بقتل محمد.

وأما المدائني فروى عن محمد بن عيسى الجلودي: أن محمدا دعا بعد العشاء بفرس أدهم كان يسميه الزهيري، وقبل ولديه ودمعت عيناه، ثم ركب، وخرجنا بين يديه، فركبنا دوابنا، وبين يديه شمعة، وأنا أقيه بيدي خوفا من أن تجيئه ضربة سيف بغتة، ففتح لنا باب خراسان، وخرجنا إلى المشرعة، فإذا حراقة هرثمة فنزلها فرجعنا بالفرس، وغلقنا باب المدينة، ثم سمعنا الضجة، فصعدنا إلى أعلى الباب، فذكر عن أحمد بن سلام صاحب المظالم قال: كنت فيمن كان مع هرثمة من القواد في الحراقة، فلما دخل محمد الحراقة قمنا له، وجثا هرثمة على ركبتيه فقال: يا سيدي، لم أقدر على القيام لمكان النقرس، ثم قبل يديه ورجليه، وجعل يقول: يا سيدي ومولاي وابن مولاي، وجعل يتصفح وجوهنا، ونظر إلى عبيد الله بن الوضاح، فقال: أيهم أنت؟ قال: عبيد الله. قال: جزاك الله خيرا، فما أشكرني لما كان منك في أمر الثلج، فشد علينا أصحاب طاهر في الزواريق والحراقات، وصيحوا، وتعلق بعضهم بالحراقة، وبعضهم يسوقها، وبعض يرمي بالآجر والنشاب، فنقبت الحراقة، فدخلها الماء، وغرقت، فعلق الملاح بشعر هرثمة فأخرجه وخرجنا، وشق محمد عنه ثيابه، ورمى بنفسه، فطلعت فعلق بي رجل من أصحاب طاهر، وذهب بي إليه، فقال: ما فعل محمد؟ قلت: قد رأيته حين شق ثيابه، وقذف بنفسه، فركب، وأخذت معهم وفي عنقي حبل، وأنا أعدو فتعبت، فقال الذي يجنبني: هذا ليس يعدو: انزل فجز رأسه، فقلت: جعلت فداك، ولم؟ وأنا رجل من الله في نعمة، ولم أقدر على العدو، وأنا أفدي نفسي بعشرة

<<  <  ج: ص:  >  >>