للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرشيد الذي سار في رسالة الخليفة إلى خوارزم شاه يأمره بمحاربة المارق طُغرل السلجوقي. فمرض عبد الرشيد وأحس بالموت، فأمر ولده بالمسير إلى خوارزم شاه لأداء الرسالة، فقابل الرسالة بالسمع والطاعة، وسار بجيوشه فحارب طُغرل وانتصر عليه، وهزم عساكره ونهب أمواله، وقتله، وحمل رأسه إلى بغداد صحبة رسوله، فأبرز للقيه الموكب، وأُتي بالرأس على رُمح، ودخل قاتله وهو شابٌّ تركي من أمراء خُوارزم شاه. وأول كتابه: الحمد لله الذي جعل الملوك من أخلص المماليك عقيدة ونية، وأصحَّهم ولاء وعبودية، وأصفاهم سريرة وطويّة.

وفيه: ولما وردت المراسيم بردع ذلك المارق المنافق، أرسل المملوك داعيًا له إلى الطريق اللاحب، ومشيرًا عليه باعتماد الواجب، ليعود إلى طاعة الإمام، وعارضًا عليه تجديد الإسلام، أو الاستعداد للمصافّ، والرجوع إلى حكم الاستئناف. وكان بالري، فزلف المملوك إليه في كتيبةٍ شهباء من جنود الإمام، مقنّعة بالزَّرَد المحبوك، مُحتفة بالملائكة، محفوفة بالملوك، يتألق حديدها، وتتذمر أسودها، وهي كالجبل العظيم، والليل البهيم، خلفها السباع والذئبان وفوقها النسور والعقبان، وبين أيديها شخص المنون عريان، إلى أن وافت ذلك المخذول، وهو في جيش يُعجز عن الإحصاء، ويضيق عنهم الفضاء، فصب اللَّه عليهم الخذلان، لمّا تراءى الجمعان، وبرز الكفر إلى الإيمان، فتلا المملوك: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}

إلى أن قال: وأنفذ اللَّه حكمه في الطاغية، وعجل بروحه إلى الهاوية، وملك المملوك بلادهم.

قال ابن الأثير: وكان الخليفة قد سير نجدة لخوارزم شاه، وسير له مع وزيره ابن القصاب خلع السلطنة، فنزل على فرسخ من همذان، فأرسل إليه خوارزم شاه بعد الوقعة يطلبه إليه، فقال مؤيد الدّين ابن القصاب: ينبغي أن تحضر أنت وتلبس خلعة أمير المؤمنين من خيمتي. وترددت الرسل بينهما، فقيل لخوارزم شاه: إنها حيلة على القبض عليك. فرحل خوارزم شاه ليأخذه، فاندفع بين يديه، والتجأ إلى بعض الجبال. فامتنع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>