للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات بهمذان يوم الجمعة في رمضان، وولد في صفر سنة سبعين وثلاثمائة.

قال: وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يقول: إنّ مخدومه سخط عليه ومات في سجنه، وكان ينشد:

رأيت ابن سينا يعادي الرجال وفي السجن مات أخس الممات فلم يشف ما نابه بالشفا ولم ينج من موته بالنجاة

وصية ابن سينا.

لأبي سعيد بن أبي الخير الصوفي الميهني.

قال: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عين نفسه مكحولة بالنظر إليه، وقدمها موقوفة على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قراره، فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر، تجلى لكل شيء بكل شيء، ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.

فإذا صارت هذه الحال له ملكة انطبع فيها نقش الملكوت، وتجلى له قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى، وذاق اللذة القصوى، وأخذ عن نفسه من هو بها أولى، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطمأنينة، وتطلع على العالم الأدنى اطلاع راحم لأهله، مستوهن لحبله، مستخف لثقله، مستخشن به لعلقه، مستضل لطرقه، وتذكر نفسه وهي بها لهجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجبهم منه، وقد ودعها، وكان معها كأن ليس معها، وليعلم أنّ أفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر الصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي المراءاة، وأن تخلص النفس عن الدرن، ما التفتت إلى قيل وقال، ومناقشة وجدال، وانفعلت بحال من الأحوال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما ينفرج عن جناب

<<  <  ج: ص:  >  >>