للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله إبراهيم ابن المتوكل ولي العهد أيضاً بعد المعتز، ثم جهز المعتز أخاه أبا أحمد لمحاربة المستعين في جيش كثيف، فاستعد المستعين وابن طاهر للحصار ولبناء سور بغداد وتحصينها، ونازلها أبو أحمد، وتجرد أهل بغداد للقتال، ونصبت المجانيق، ووقع الجد، واستفحل الشر، ودام القتال أشهراً، وكثر القتل، وغلت الأسعار ببغداد، وعظم البلاء، وجهدهم الغلاء، وصاحوا: الجوع، وجرت بين الطائفتين عدة وقعات حتى قتل في بعض الأيام من جند المعتز ألفان، وفي بعض الأيام ثلاث مائة وأكثر، إلى أن ضعف أهل بغداد، وذلوا من الجوع والجهد، وقوي أمر أولئك، فكاتب ابن طاهر المعتز سراً، فانحل أمر المستعين، وإنما كان قوام أمره بابن طاهر.

وعلم أهل بغداد بالمكاتبة، فصاحوا بابن طاهر وكاشفوه، فانتقل المستعين من عنده إلى الرصافة، ثم سعوا في الصلح على خلع المستعين، وقام في ذلك إسماعيل القاضي وغيره بشروط مؤكدة، فخلع المستعين نفسه في أول سنة اثنتين وخمسين، وأشهد عليه القضاة وغيرهم، وأحدر بعد خلعه إلى واسط تحت الحوطة، فأقام بها تسعة أشهر محبوساً، ثم رد إلى سامراء، فقتل - رحمه الله - بقادسية سامراء في ثالث شوال من السنة.

وقيل: قتل ليومين بقيا من رمضان، وله إحدى وثلاثون سنة وأيام، بعث إليه المعتز سعيد بن صالح الحاجب، فلما رآه المستعين تيقن التلف، وبكى، وقال: ذهبت والله نفسي، فلما قرب منه سعيد أخذ يقنعه بسوطه، ثم اتكاه فقعد على صدره وقطع رأسه.

ومن حليته: كان مربوع القامة، أحمر الوجه، خفيف العارضين، بمقدم رأسه طول، وكان حسن الوجه والجسم، بوجهه أثر جدري، وكان يلثغ بالسين نحو الثاء، وأمه أم ولد.

وكان مسرفاً مبذراً للخزائن، يفرق الجواهر والثياب والنفائس.

قال الصولي: بعث المعتز بالله أحمد بن طولون إلى واسط وأمره أن يقتل المستعين، فقال: والله لا أقتل أولاد الخلفاء، فندب له سعيد الحاجب فقتله، كما ذكرنا، وما متع المعتز، بل خلع وقتل كما سيأتي.

وكان المستعين استوزر أبا موسى أوتامش بإشارة شجاع بن القاسم الكاتب، ثم قتلهما، واستوزر أحمد بن صالح بن شيرزاد، فلما قتل وصيف وبغا باغر التركي الذي فتك بالمتوكل تعصبت الموالي، ولا أمر كان للمستعين مع وصيف وبغا.

<<  <  ج: ص:  >  >>