للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد عُملت من طوله وعرضه، تضبط شقوقاً حدثت عليه بعد انقلاعه، وأحضر له صانعاً معه جص يشده به. فوضع سنبر بن الحسن بن سنبر الحجر بيده، وشده الصانع بالجص، وقال لما رده: أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئة الله.

وفيها توفي محمد بن أحمد الصيمري كاتب معز الدولة ووزيره، فقلد مكانه أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي الوزير.

وفي عيد الأضحى قتل الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي صاحب الأندلس ولده عبد الله، وكان قد خاف من خروجه عليه، وكان من كبار العلماء، روى عن: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ. وله تصانيف منها مجلد في مناقب بقي بن مخلد، رواه عنه مسلمة بن قاسم.

وفيها غزا سيف الدولة كما قدمنا، فسار في ربيع الأول، ووافاه عسكر طرسوس في أربعة آلاف، عليهم القاضي أبو حصين. فسار إلى قيسارية، ثم إلى الفندق ووغل في بلاد الروم، وفتح عدة حصون، وسبى وقتل، ثم سار إلى سمندو، ثم إلى خرشنة يقتل ويسبي، ثم إلى بلد صارخة وبينها وبين قسطنطينية سبعة أيام. فلما نزل عليها واقع الدمستق مقدمته، فظهرت عليه، فلجأ إلى الحصن وخاف على نفسه. ثم جمع والتقى سيف الدولة، فهزمه الله أقبح هزيمة، وأُسرت بطارقته، وكانت غزوة مشهودة، وغنم المسلمون ما لا يوصف، وبقوا في الغزو أشهراً.

ثم إن الطرسوسيين قفلوا، ورجع العربان، ورجع سيف الدولة في مضيق صعب، فأخذت الروم عليه الدروب، وحالوا بينه وبين المقدمة، وقطعوا الشجر، وسدوا به الطرق، ودهدهوا الصخور في المضائق على الناس. والروم وراء الناس مع الدمستق يقتلون ويأسرون، ولا منفذ لسيف الدولة. وكان معه أربعمائة أسير من وجوه الروم فضرب أعناقهم، وعقر جماله وكثيراً من دوابه، وحرق الثقل، وقاتل قتال الموت، ونجا في نفر يسير. واستباح الدمستق أكثر الجيش، وأسر أمراء وقضاة، ووصل سيف الدولة إلى حلب، ولم يكد.

ثم مالت الروم فعاثوا وسبوا، وتزلزل الناس، ثم لطف الله تعالى، وأرسل الدمستق إلى سيف الدولة يطلب الهدنة، فلم يجب سيف الدولة، وبعث يتهدده. ثم جهز جيشاً فدخلوا بلاد الروم من ناحية حران، فغنموا

<<  <  ج: ص:  >  >>