أدركه، وكان قد قدم فخرج إلى الثغر، فلم أسمع منه ولا رأيته.
وقال عارم أبو النعمان: وضع أحمد عندي نفقته، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته، فقلت له يوما: يا أبا عبد الله بلغني أنك من العرب، فقال: يا أبا النعمان نحن قوم مساكين، فلم يزل يدافعني حتى خرج ولم يقل لي شيئا.
وقال صالح: عزم أبي على الخروج إلى مكة، ورافق يحيى بن معين، فقال أبي: نحج ونمضي إلى صنعاء إلى عبد الرزاق، قال: فمضينا حتى دخلنا مكة، فإذا عبد الرزاق في الطواف، وكان يحيى يعرفه، فطفنا، ثم جئنا إلى عبد الرزاق، فسلم عليه يحيى وقال: هذا أخوك أحمد بن حنبل، فقال: حياه الله، إنه ليبلغني عنه كل ما أسر به، ثبته الله على ذلك، ثم قام لينصرف، فقال يحيى: ألا نأخذ عليه الموعد، فأبى أحمد وقال: لم أغير النية في رحلتي إليه. أو كما قال. ثم سافر إلى اليمن لأجله، وسمع منه الكتب، وأكثر عنه.
فصل
في إقباله على العلم واشتغاله وحفظه
قال الخلال: أخبرنا المروذي أن أبا عبد الله قال له: ما تزوجت إلا بعد الأربعين.
وعن أحمد الدورقي، عن أبي عبد الله قال: نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة وجوه، لم نضبطه، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد؟
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبا زرعة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: حفظت كل شيء سمعته من هشيم، وهشيم حي.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قال سعيد بن عمرو البرذعي: يا أبا زرعة، أنت أحفظ أم أحمد بن حنبل؟ قال: بل أحمد، قلت: وكيف علمت؟ قال: وجدت كتبه ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدثين الذين سمع منهم، فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه، وأنا لا أقدر على هذا.