عنه: كنتُ في مجلس القاضي الفاضل، فدخل فرُّوخ شاه، فجرى ذكر شرح بيت من ديوان المتنبي، فذكرت شيئًا فأعجبه، فسأل القاضي عني، فقال: هذا العلاّمة تاج الدين الكندي، فنهض فرُّوخ شاه، وأخذ بيدي، وأخرجني معه إلى منزله، ودام اتصالي به. قال: وكان الملك المعظَّم يقرأ عليه دائمًا؛ قرأ عليه كتاب سيبويه نصًّا وشَرحًا، وكتاب الحماسة، وكتاب الإيضاح وشيئًا كثيرًا، وكان يأتي من القلعة ماشيًا إلى دار تاج الدين بدرب العَجَم والمجلَّد تحت إبطه.
وحكى ابن خَلِّكان أن الكِندي قال: كنت قاعدًا على باب أبي محمد ابن الخشّاب النحوي؛ وقد خرج من عنده أبو القاسم الزَّمخشري وهو يمشي في جاون خشب لأن إحدى رجليه كانت سقطت من الثلج.
ومن شعر الكِندي:
دعِ المنجّم يكبو في ضَلالته إن ادعى عِلم ما يجري به الفَلَكُ تفرّد الله بالعِلم القديم فلا ال إنسان يشركه فيه ولا الملَكُ أعدّ للرزق من إشراكه شركًا وبئستِ العُدّتان: الشِّرك والشَّرْكُ وله:
أرى المرءَ يهوى أن تَطول حياته وفي طولها إرهاقُ ذُلٍّ وإزهاقُ تمنّيت في عصر الشبيبة أنني أُعمَّر والأعمار لا شكّ أرزاقُ فلما أتى ما قد تمنَّيت ساءني من العُمْر ما قد كنتُ أهوى وأشتاق يُخيِّل لي فِكري إذا كنتُ خاليًا رُكوبي على الأعناق والسير إعناق ويُذكِرني مَرّ النسيم ورَوْحه حفائرَ يعلوها من الترب أطباق وها أنا في إحدى وتسعين حجةً لها فيَّ إرعادٌ مَخوفٌ وإبراقُ يقولون: تِرياقٌ لمثلك نافعٌ وما ليَ إلا رحمةَ الله تِرياق وله: