حافظاً متقناً، أديباً، نبيلاً، ساكناً، وقوراً، نزهاً، وافر العقل، ثقةً، محتاطاً في نقله، يفتش عن المشكل. سألت عنه الحافظ الضياء، فقال: خيرٌ عالمٌ متيقظٌ، ما في طلبة زمانه مثله. وسألت الزكي البرزالي عنه، فقال: ثقةٌ، ثبتٌ، محصلٌ، حدثنا من حفظه أنه قرأ على الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي، قال: أخبرنا أبو مروان عبد الرحمن بن محمد بن قزمان، قال: حدثنا محمد بن فرج الطلاع، فذكر حديثاً من الموطأ.
قلت: مات ابن قزمان سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، وإبراهيم سنة ست عشرة.
١١٥ - عيسى بن سنجر بن بهرام بن خمارتكين، حسام الدين الإربلي الجندي الشاعر المفلق، المعروف بالحاجري.
وديوانه مشهورٌ. حبس مرةً بقلعة إربل، ثم خلص. ولبس زي الصوفية، واتصل بخدمة صاحب إربل. ثم وثب عليه شخصٌ قتله في شوال، وله خمسون سنة.
وغلب عليه الحاجري لكثرة ذكره الحاجر في شعره.
وكان ذا نوادر ومفاكهة، ونحوه قليلٌ، لكن شعره في الذروة.
١١٦ - غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن حسين، الشيخ القدوة الزاهد أبو علي الأنصاري السعدي المقدسي النابلسي، أحد مشايخ الطريق.
ولد بقرية بورين من عمل نابلس سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسكن القدس عام أنقذه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساح بالشام، ورأى الصالحين. وكان زاهداً، عابداً، مخبتاً، قانتاً لله، مؤثراً للخمول والانقباض، صاحب أحوالٍ وكراماتٍ.
حكى ابنه الشيخ عبد الله أن أباه أخبره أن رجلاً من الصديقين اجتمع به ساعة، قال: فلما وقعت يدي في يده انتزعت الدنيا من قلبي، ولما نهضت قال لي: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى. فجعلت هذه الآية قدوتي إلى الله، وسلكت بها في طريقي،