للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة إحدى وستّين وأربعمائة، وسمع الكثير بها، واجتمع بأبي إسحاق الشّيرازي، وناظر أبا نصر ابن الصّبّاغ في مسألةٍ. وانتقل إلى مذهب الشّافعي، وسار إلى الحجاز في البرّيّة، وكان الرّكب قد انقطع لاستيلاء العرب، فقصد مكّة في جماعة، فأخذوا، وأخذ جدّي معهم، ووقع إلى حلل العرب، وصبر إلى أن خلّصه الله، وحملوه إلى مكّة، وبقي بها في صحبة الشيخ أبي القاسم الزّنجاني.

وسمعت محمد بن أحمد الميهني يحكي عن الحسين بن الحسن الصّوفي المروزي، عن أبي المظفّر السّمعاني قال: لمّا دخلت البادية انقطعت، وقطعت العرب علينا الطريق، وأسرنا، وكنت أخرج مع جمالهم أرعاها، وما قلت لهم إنّي أعرف شيئاً من العلم، فاتفق أنّ مقدّم العرب أراد أن يزوّج بنته من رجلٍ، فقالوا: نحتاج أن نخرج إلى بعض البلاد، ليعقد هذا العقد بعض الفقهاء، فقال واحدٌ من المأخوذين: هذا الرجل الذي يخرج مع جمالكم إلى الصّحراء فقيه خراسان، فاستدعوني، وسألوني عن أشياء، فأجبتهم، وكلّمتهم بالعربيّة، فخجلوا واعتذروا مني، وعقدت لهم العقد، وقرأت الخطبة، ففرحوا، وسألوني أن أقبل منهم شيئاً، فامتنعت، فحملوني إلى مكّة في وسط السّنة.

وذكره أبو الحسن عبد الغافر في سياقه، فقال: هو وحيد عصره في وقته فضلاً، وطريقة، وزهداً، وورعاً، من بيت العلم والزّهد، تفقّه بأبيه، وصار من فحول أهل النّظر، وأخذ يطالع كتب الحديث، وحجّ، فلمّا رجع إلى وطنه، ترك طريقته التي ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وتحوّل شافعيّاً، وأظهر ذلك في سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، واضطّرب أهل مرو لذلك، وتشوّش العوامّ، إلى أن وردت الكتب من جهة بلكا بك من بلخ في شأنه والتّشديد عليه، فخرج من مرو في أوّل رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم الموسوي، وطائفة من الأصحاب، وخرج في خدمته جماعة من الفقهاء، وصار إلى طوس، وقصد نيسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالاً عظيماً، وكان في نوبة نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور،

<<  <  ج: ص:  >  >>